ففي الحديث إذاً انقطاع وإرسال، وهذا كفيل بتضعيف هذا السند وطرح الثقة به، دون الحاجة للنَّظر في مراتب رجال الحديث، ومع ذلك فالحديث من حيث المتن منكرٌ، إذ إنَّه سمَّى البلدة (بيت لحم). أما حديث أبي هندٍ فقد أخرجه: الطَّبراني في «المعجم الكبير» ٢٢/ ٢٦٤، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» ٥/ ١١ رقم (٢٥٤٨) باختلاف يسير، وابن سعد في «الطبقات الكبرى»، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» ١١/ ٦٤، وفيه قال سعيد بن زيَّاد بن فائد بن زياد بن أبي هند: حدثني زيَّاد بن فائد، عن أبيه فائد بن زياد، عن جدِّه زياد بن أبي هندٍ، عن أبي هندٍ. وهذا إسنادٌ غاية في الضَّعف، كما بيَّن ابن حجر ذلك كما ستراه أثناء التحقيق، وبيانه أنَّ ابن حبان حكم على أحاديثه بالبطلان، وبين أقوال العلماء فيه، كما بيَّن نكارة المتن، ومخالفته للمعروف عند أهل التواريخ والسير، وبالإضافة إلى ماسطَّره ابن حجر عن حال هذا الإسناد ورواته فإنَّ سعيداً هذا ذُكر ضمن الوضاعين كما عند سيط العجمي «الكشف الحثيث» (١٢٤)، وقال ابن حبان عن رواية سعيد هذا: فلا أدري البلية فيه منه أو من أبيه أو من جده، لأن أباه وجده لايعرف لهما رواية. فآفة الحديث ليس سعيداً فحسب، بل أبوه وجده أيضاً، بالإضافة إلى نكارة المتن أيضاً، وقد أخطأ الهيثمي فقلب الاسم وقال: فيه زياد بن سعيد وهو متروك، والصواب؛ سعيد بن زياد كما مرَّ. وما بقي من طرقٍ للحديث لايعُرَّج عليها أصلاً، كالطريق التي رواها أبو يوسف في «الخراج» (٢١٦)، عندما قال: أخبرني شيخٌ من قريش عن الزهري أن مصر والشام، ثم ساق قصة إعطاء تميم. وبناءً على ذلك يتبين لنا قيمة هذه الروايات التي لو أردنا أن نستشهد بها على فضيلة أو رغيبة لما أمكننا إثباتها بمثل هذه الأحاديث، ولكني ارتضيت عبارة ابن حجر نظراً لأنَّها عبارة تنفي الوضع والاختلاق عن هذه القصة، أما من حيث الإثبات فإنَّها تعني أدنى درجات الإثبات والتسليم لها .... ]. انتهى تخريج الشيخ: لطفي الزغير.