للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما قام الدليل على تخصيصه بخلاف فرض الكفاية فإن الخطاب موجه إلى البعض وإنما يأثم الجميع إذا لم يمتثل الكل، نعم لو كان لفظ الحديث «من دعي فلم يُجب ...» لكان يدل على هذا القول والله أعلم.

الرابع: قال ابن دقيق العيد في شرح الإلمام: محل ذلك - أي فرض الكفاية - إذا عمت الدعوة أما لو خص كل واحد بالدعوة فإن الإجابة تتعين (١).

مناقشة أصحاب القول الخامس:

هذا القول لا أعلم لهم دليلاً على هذا التفصيل إلا إن كان القائل به لم يبلغه إلا حديث أبي هريرة «شر الطعام ...» فحمله على الندب وما عداه على الإباحة، وهذا القول أضعف الأقوال في هذه المسألة بل هو خلاف الأدلة الواردة وليس على هذا التفريق دليل يعتمد عليه، والله أعلم.

الترجيح:

من خلال تأمل الأحاديث الواردة في هذه المسألة نجدها ظاهرة الدلالة على القول الأول وهو القول بالوجوب مطلقًا، والقول الثالث وهو التفصيل، وأن الدعوة تجب إجابتها في العرس وتسن فيما عداه وهو قول جمهور أهل العلم، وهذا القول أقوى في نظري لقوة أدلته؛ ولأن فيه توسطًا بين القول الأول والثاني؛ ولأن حمل حديث أبي هريرة وابن عمر والذي فيهما إطلاق العصيان على من لم يجب الدعوة على وليمة العرس فيه قوة، ويكون كافيًا في تخصيص وليمة العرس بالوجوب دون غيرها، وذلك لأن حمل الوليمة على وليمة العرس هو قول أكثر أهل العلم وهو قول أكثر أهل اللغة فهذا يدل على أن هذا هو الغالب في استعمال هذا اللفظ، والأحكام إنما تعلق بالغالب لا بالنادر الذي لا يقع إلا قليلاً، والله أعلم.


(١) الفتح (٩/ ٢٤٢).

<<  <   >  >>