للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يعني أنها بينة واضحة في اللغة لا يبتغى بها مضائق التأويل والتحريف، وهذا هو مذهب السلف، مع اتفاقهم أيضا أنها لا تشبه صفات البشر بوجه، إذ الباري لا مثل له لا في ذاته ولا في صفاته) (١) اهـ.

ونقل الملا علي القاري كلاماً لابن القيم في شرح منازل السائرين (٢) يقول فيه: (يشير بذلك -أي شيخ الإسلام الأنصاري صاحب منازل السائرين- إلى أن حفظ حرمة نصوص الأسماء والصفات بإجراء أخبارها على ظواهرها، وهو اعتقاد مفهومها المتبادر إلى إفهام العامة، ولا نعني بالعامة الجهال، بل عامة الأمة، كما قال مالك رحمه الله وقد سئل عن قوله تعالى: {الرحمن على العرش استوى} طه٥،، كيف استوى؟ فأطرق مالك رأسه حتى علاه الرحضاء، ثم قال: "الاستواء معلوم، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة".

فرّق بين المعنى المعلوم من هذه اللفظة، وبين الكيف الذي لا يعقله البشر، وهذا الجواب من مالك رحمه الله شاف عام في جميع مسائل الصفات، من السمع، والبصر، والعلم، والحياة، والقدرة، والإرادة، والنزول، والغضب، والرحمة، والضحك، فمعانيها كلها معلومة، وأما كيفيتها فغير معقولة، إذ تعقل الكيف فرع العلم بكيفية


(١) العلو (ص٢٥١).
(٢) مدارج السالكين (٢/ ٨٤).

<<  <   >  >>