فهذا ليس من التأويل في شيء، لأن الشيء قد يعبر عنه ببعض صفاته، فقوله {إلا وجهه} المراد به ذاته تعالى المتصفة بالصفات ومنها الوجه، وهذا ظاهر لا خفاء فيه، إذ لا يفنى منه شيء تعالى الله عن ذلك، وإنما عبر الله عن ذلك بذكر صفة من صفاته وهي وجهه تعالى.
فتفسير الضحاك وأبو عبيدة ليس نفياً لصفة الوجه بل إثبات لها، لأن الوجه المذكور في الآية لو لم يكن صفة له سبحانه، لما دل على بقاءه، ولَكان داخلاً في قوله {كل شيء هالك} تعالى الله عن ذلك.
ويؤكد هذا أن البخاري رحمه الله قد عقد باباً في صحيحه في إثبات الوجه لله تعالى مستدلاً بهذه الآية، فقال في كتاب التوحيد:
(باب قول الله تعالى {كل شيء هالك إلا وجهه} القصص٨٨:
حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا حماد بن زيد عن عمرو عن جابر بن عبد الله قال لما نزلت هذه الآية {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم} الأنعام٦٥، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أعوذ بوجهك، فقال:{أو من تحت أرجلكم} فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أعوذ بوجهك، قال:{أو يلبسكم شيعا} فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: هذا أيسر) ا. هـ