وقيلَ لا في غيرِ نسخٍ بلْ نُقِلْ ... جوازُه في النَّسْخِ قطعًا لا يُخِلّْ
وسادس الاقوال لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ بَعْضٍ وابداء البعض الاخر وذلك لان تاخير البعض يوقع المخاطب فى فهم ان المقدم جميع البيان وهو غير المراد بخلاف تاخير الكل واشار الناظم الى هذ القول بقوله:
وقيلَ لا يجوزُ أن يُؤَخَّرَا ... بعضٌ وإبدَا البعضِ إن لبْسٌ عَرَا
والاصح الجواز والوقوع ومن ادلته قوله تعالى {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} الاية فَإِنَّهُ عَامٌّ فِيمَا يُغْنَمُ مَخْصُوصٌ بِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ {مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ} وَهُوَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ نُزُولِ الْآيَةِ لِنَقْلِ أَهْلِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ كَانَ فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ وَأَنَّ الْآيَةَ قَبْلَهُ فِي غَزْوَةِ بَدْر وقَوْله تَعَالَى {إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} فَإِنَّ البقرة مُطْلَقَةٌقيدت بما فى اجوبة اسئلتهم وفيه وَفِيهِ تَأْخِيرُ بَعْضِ الْبَيَانِ عَنْ بَعْضٍ أَيْضًا وكذا قَوْله تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ {يَا بُنَيَّ إنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُك} الاية فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْأَمْرِ بِذَبْحِ ابْنِهِ ثُمَّ بَيَّنَ نَسْخَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ}(وَعَلَى الْمَنْع الْمُخْتَارِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَأْخِيرُ التَّبْلِيغِ إلَى وَقْت الحاجة وانه يجوز ان لا يعلم الموجود بالمخصص ولا بانه مخصص) أي ويتفرع على القول بامتناع تاخير البيان فرعان لانتفاء المحذور السابق كما سياتى احدهما المختار انه يجوز للرسول صلى الله عليه وسلم تاخير تبليغ مايوحي اليه الى وقت الاحتياج للعمل به لا تاخير البيان ولا فرق بين القرءان وغيره وقيل لا يجوز لقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إلَيْك مِنْ رَبِّك} بناء على ان الامر للفور لان وجوب التبليغ معلوم بالعقل ضرورة فلا فائدة للامر الا الفور واجاب الجمهور بان فائدته تاييد العقل بالنقل قال شارح السعود قلت وبانا لانسلم علم وجوب التبليغ بالعقل لا ذلك مبنى على ان العقل يحسن ويقبح وهو ضعيف وانما اجاز
المالكية وجمهور غيرهم تاخير التبليغ لانتفاء المحذور السابق فيه وهو الاخلال بفهم المراد منه عند الخطاب قال وكلام ابن الحاجب والامام الرازي والآمدي يقتضى المنع فى القرآن قطعا أي بلاخلاف لانه متعبد بتلاوته ولم يؤخر صلى الله عليه وسلم تبليغه بخلاف غيره لما علم انه كان يسئل عن الحكم فيجيب تارة مماعنده ويقف تارة اخري حتى ينزل الوحى ثم قال قد يمنع تعجيل التبليغ ويجب تاخيره الى وقت الحاجة درءا أي دفعا لمفسدة حاصلة فى تعجيله فلو امر صلى الله عليه وسلم بقتال اهل مكة بعد سنة من الهجرة وجب تاخيرتبيلغ ذلك الناس لئلا يستعد العدو اذاعلم ويعظم الفساد ولذلك لما اراد عليه الصلاة والسلام قتالهم قطع الاخبار عنهم حتى دهمهم وكان ذلك ايسر لقاتلهم وقهرهم اه. فلذا قال فى نظمه:
وجائز تأخير تبليغ له.....ودرء ما يُخشى أبى تعجيلَه
والضمير فى قوله له عائد على وقت العمل ثانى الفرعين الاصح ايضا انه يجوز ان لا يعلم المكلف المجود عند وجود المخصص بذات المخصص ولا بوصف انه مخصص مع علمه بذاته كان يكون المخصص له العقل قال شارح السعود نقلا عن ابن القاسم وعدم علم المكلف بالمخصص شامل لما اذا علم بعض المكلفين به ولم يعلمه البعض الاخر الاانه تمكن من العلم فهو بمنزلة العالم لتقصيره وشامل لما اذا لم يبلغ احدا من المكلفين لكنهم لما تمكنوا من البحث كانوا لتقصيرهم بمنزلة من بلغه اه. واشار