وجدت كمن سمى والده مباركا لماظنه فيه من البركة فليس مجازا ايضا اذ لوكان لذلك لا امتنع اطلاقه بعد زوالها خلافا للغزالى فى متلمح الصفة بفتح الميم الثانية كالحرث والاسود فقال انه مجاز لانه لايراد منه الصفة وقد كان قبل العلمية موضوعا للفرق بين النوات كزيد وعمرو فلذا قال الناظم:
والمنْعُ فِي الأعْلاَمِ عَنْ ذِي مَعْرِفَهْ ... وقَيْلَ إلاَّ مُتَلَمَّحَ الصِّفَهْ
(وَيُعْرَفُ بِتَبَادُرِ غَيْرِهِ إلَى الْفَهْمِ لَوْلَا الْقَرِينَةُ وَصِحَّةُ النَّفْيِ وَعَدَمُ وُجُوبِ الِاطِّرَادِ وَجَمْعُهُ عَلَى خِلَافِ جَمْعِ الْحَقِيقَةِ وَبِالْتِزَامِ تَقْيِيدِهِ وَتَوَقُّفِهِ عَلَى الْمُسَمَّى الْآخَرِ وَالْإِطْلَاقُ عَلَى الْمُسْتَحِيلِ) ذكروا لما تميز به المجاز علامات يعرف بها فيعرف المعنى المجازي اللفظ بتبادر غيره منه الى الفهم لولا القرينة اذ المعنى الحقيقي الاصيل هو الاصل والمعني المجازي الدخيل هو الفرع فلا ينتقل عن المعنى الاصلى الحقيقي الى المعنى الفرعى المجازي الابالدليل الذي هو القرينة الصارفة عن الاصل فلذا قال السعود:
وبالتبادر يُرى الأصيل.....إن لم يكُ الدليل لا الدخيل
واورد على ذلك المجاز الراجح على الحقيقة واجيب بانه نادر فلا يقدح اذ الغالب ان المتبادر الحقيقة فلذازادها الناظم على المصنف حيث قال:
ويُعْرَفُ الْمَجَازُ مِنْ تَبَادُرِ ... سِوَاهُ للأفْهَامِ غَيْرَ النَّادِرِ
وكذا من علاماته صحة النفى مع صدقة فى الواقع كقولك فى البليد هذا حمار فانهم يصح ان يقال ليس بحمار وكذا من علاماته عدم وجوب الاطراد فلا يطرد اصلا فى بعض المواضع كَمَا فِي {وَاسْأَلْ الْقَرْيَةَ} أَيْ أَهْلَهَا فَلَا يُقَالُ وَاسْأَلْ الْبِسَاطَ أَيْ صَاحِبَهُ وان جاز اطراده فى بعضها كما فى الاسد للرجل الشجاع فيصح فى جميع جزئياته الاانه من غير وجوب بخلاف المعنى الحقيقي فيجب اطراده فى جميع جزئياته قال شارح السعود ان وسم اللفظ بالانفراد أي عرف بعدم الترادف والا فلايجب الاطراد لجواز التعبير بكل من المترادفين مكان الاخر مع ان كلا منهما حقيقة لا مجاز فلذا قال فى نظمه عاطفا على علامات المجاز: وعدمِ النفيِ والاطِّراد.....إن وسم اللفظ بالانفراد
وقال فيه الناظم ايضا:
.. ولَيْسَ بِالوَاجِبِ أنْ يَطَّرِدَا. وكذا يعرف المجاز بجمع اللفط الدال عليه خلاف جمع الحقيقة كالامر بمعنى الفعل مجازا يجمع على اوامر فلذا قال الناظم: وصِحَّةِ النَّفِي وَجَمْعِهِ عَلَى ... خِلاَفِ أصْلِهِ
أي وهو جمع لفظ المعنى الحقيقي كما يعرف بالتزام تقييد اللفظ الدال عليه كجناح الذل أي لين الجانب ونار الحرب أي شدته فان الجناح والذل يستعملان فى معناهما الحقيقي من غير قيد بخلاف المشترك من الحقيقة فانه يقيد من غير لزوم كالعين الجارة فلذا قال الناظم:
ولُزُومًا قُيِّدَا ...
...وقال فى ذا وما قبله ناظم السعود:
وواجب القيد وما قد جمعا....مخالفَ الأصل مجازا سُمعا
وكذا يعرف المجاز بتوقفه فى اطلاق اللفظ عليه على المسمى الاخر أي المعنى الحقيقي اما لفظا نحو {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ} او تقديرا نحو قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا فان مكرهم لم يتقدم له ذكر لكن تضمنه المعنى والحقيقة لايتوقف استعمالها على غيرها والتقسيم الى اللفظ والتقدير من زيادات الناظم على المصنف حيث قال:
وَوَقْفِهِ عَلَى الْمُسَمَّى الآخَرِ ... إِمَّا عَلَى التَّقْدِيْرِ أوْ فِي الظَّاهِرِ
وهو المسمى عند اهل البديع بالمشاكلة المعرف لها صاحب التلخيص بقوله وهى ذكر الشيء بلفظ غيره لوقوعه فى صحبته تحقيقا او تقدير اه. ومثل له بقول الشاعر
قالوا اقترح لنا شيأ نجد لك طبخه ... قلت اطبخوا لى جبة وقميصا
فالمعنى المجازي حينئذ الذي هو ضد المعنى