فالشُّفَعاء مِن الملائكة، والأنبياء، والأولياء يَشْفَعُون لِمَن سَبق فِي عِلم الله ... -تعالى- الرِّضَا عَنه، حتى يُوصِل إليه ما يَقْتَضِيه رِضَاه عَنه، وقد يكون المُراد بالآية {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى}[الأنبياء: ٢٨] أن يشفعوا له، كقوله:{مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ}[البقرة: ٢٥٥].
قال أبو عبد الله الحَلِيمي:«وأما قول الله - عز وجل -: {يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا}[الانفطار: ١٩] فإنه لا يَدفَع الشَّفَاعة؛ لأن المُراد بالملك، الدَّفع بِالقُوَّة كما يكون في الدنيا، أن يَدفعَ الناسُ بعضُهم عَن بَعضٍ، وعن أنفسهم بالقوة، ولا يكون ذلك يوم الدين، والشَّفَاعَةُ لَيست مِن هَذا البَاب؛ لأنها تَذَلُّلٌ مِن الشَّافِع للمَشْفُوع عِندَه، وإقامة الشَّفيع تَذلل مِن المَشفُوع لَه، فلا يَومٌ هِي أَلْيَقُ بِه، وأَشْبَه بِأحَوالِه، مِن يومِ الدِّين»(١).
وأما الحديث الذي
(٥٦٤) أخبرنا أبو نَصْرٍ محمدُ بنُ عَلِيٍّ الفَقِيهُ الشِّيرَازِيُّ، حدثنا أبو مُحَمَّدٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ المُزَنِيُّ، حدثنا أبو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِيسَى الجَكَّانِيُّ، حدثنا أبو اليَمَانِ الحَكَمُ بنُ نَافِع الحِمْصِيُّ، -بِسَلَمْيَةَ، في سَنَةَ إحْدَى وعِشْرِينَ ومِائَتَيْن-، أخبرني شُعَيبٌ، عن الزُّهْرِيِّ، أخبرني سَعِيدُ بنُ المُسَيِّب، وأبو سَلَمَةَ بنُ عَبد الرَّحمن، أَن أَبا هُرَيرة قال: قَام رَسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حين أَنزلَ اللهُ - عز وجل - {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤)} [الشعراء: ٢١٤] قال:
«يا مَعْشَرَ قُرَيش، اشتروا أَنْفُسَكم، لا أُغنِي عَنكُم مِن الله شَيئًا، يا بَني عَبد مَنَاف، لا أُغنِي عنكم من الله شيئًا، يا عباسَ بن عَبد المُطَّلِب، لا أغني