عن أَبِيهِ، قال: أَنْبَأَنِي أَبُو مِجْلَز، في قوله - عز وجل -: {وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ} [الأعراف: ٤٦] قال: «الأَعْرَافُ: مَكَانٌ مُرتَفِع عَليه رِجَالٌ مِنَ الملائكة، يَعْرِفُونَ أهلَ الجَنَّة بِسِيمَاهُم، وأَهْلَ النَّارِ بِسِيمَاهُم: {وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا} بَعْدُ {وَهُمْ يَطْمَعُونَ} [الأعراف: ٤٦] في دُخُولِهَا {وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ} [الأعراف: ٤٧] قال: أَبْصَارُ أَهْلِ الجَنة، تِلْقَاء أَصْحَابِ النَّار {قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٤٧) وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا} مِنَ الكُفَّارِ {يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ (٤٨) أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (٤٩)} [الأعراف] فَهَذَا حِينَ دَخَلُوهَا».
والذي يُعْرَفُ بالاسْتِدْلَال بِالأَخْبَارِ أَن حَسَنَاتِ (١) المُؤمِنِ دُونَ الإِيمَانِ تُقَابَل بِسَيِّئَاتِه، فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُ حَسَنَاتِه، فَهُو في عِيْشَةٍ رَاضِية، ومَن خَفَّت مَوَازِينُ حَسَنَاتِه، فَهُو في مَشِيْئَةِ اللهِ؛ لقوله - عز وجل - {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨]، ثُم الذي يُعْرَف بِالاسْتِدْلَالِ بالأَخْبَار أَنَّ مِنَ المُؤمِنِين مَن يُوضَع إِيمَانُهُ في كِفَّةِ حَسَنَاتِه، حَتَّى تَرْجَح بِه، ويَدْخُل الجَنَّة بِلا عَذَابٍ، ومِنْهُم مَن يُعَذَّبُ بِقَدر سَيِّئَاتِه، ومِنْهُم مَن يُجْعَل مِن أَصْحَاب الأَعْرَاف، ومَآبُ جَمِيْعِهِم الجَنَّة؛ بِمَا تَلَوْنَا مِن الآيَاتِ، وذَكَرنَا مِنَ الأَخْبَار الصَّحِيحَة في ذلك، ... وبالله التوفيق.
وقوله - عز وجل -: {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (٩) وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (١٠) نَارٌ حَامِيَةٌ (١١)} [القارعة] معناه في الكُفَّار: الخُلُودُ، ومعناه في المُؤمِنين: مَن لَم يَدْخُل
(١) في «ب»، «ع» (حساب)، والمثبت من «م»، «ث»، «ش».
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute