"يقال لك: لا يلزم من التسبيح بالسبح بدل التسبيح بالأنامل أن يكون فاعله مخالفًا لهدي النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإنما غاية ما فيه أنه ترك الأفضل الذي هو العقد باليمين لكونه الوارد من فعله -صلى الله عليه وسلم-: وقوله".
ثم أطال فضيلته في ذكر نظائر لهذه المسألة، ولو أنا أردنا أن نتعقبه في كل مثال أورده لطال بنا المقال جدًا، ولأثقلنا على المجلة وعلى القراء معًا ولكن "ما لا يدرك كله لا يترك قله" ولذلك فإني سأقول في تلك الأمثلة كلمة جامعة:
إن الأمثلة المشار إليها تنقسم إلى قسمين:
الأولى: ما دل النص على جواز الأمرين وفضلها، وأن أحدهما أفضل من الآخر، هم مثل ما أورده الشيخ من صلاة النوافل في المساجد والبيوت، والنص هو قوله -صلى الله عليه وسلم-: . (أفضل صلاة المرأ في بيته إلا المكتوبة) رواه البخاري ومسلم. وقد يقوم مقامه نص هو من فعله -صلى الله عليه وسلم- لا يظهر للفقيه أنه أفضل من فعله الآخر.
والقسم الآخر: ما جاء النص العملي عنه -صلى الله عليه وسلم- محددًا لشيء من العبادات أو مقيدًا له بصفة؛ ثم لم يأت ما يفيد أن خلافه مشروع وأن له فضلًا دون الذي شرعه -صلى الله عليه وسلم- بفعله، مثل الوضوء بالمد والاغتسال به مع الصاع، فإنه ليس في الشرع ما يدل على مشروعية الزيادة عليه.
فالذي نراه وندين الله به: أن ما كان من القسم الأول فنحن نفضل ما فضله -صلى الله عليه وسلم- ونجيز الأمر الآخر، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أجازه وجعل له فضيلة دون فضيلة الأمر الأول، مثل صلاة النوافل في المساجد لا لأننا "نرى الناس يصلون الرواتب كلها في المسجد"!
وأما ما كان من النوع الثاني فنحن نجيب الشيخ بصراحة "نعم نحن ننكر عليه إنكارنا للسبحة نظرًا لكونه ترك ما هو الوارد عنه -صلى الله عليه وسلم-"، وقد قال الإمام البخاري في كتاب "الوضوء من صحيحه (١/ ١٨٨ يشرح فتح الباري):
"وكره أهل العلم الإسراف فيه، وأن يجاوزوا فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-".
ولا يخفي أنه لا فرق بين أن يزيد على عدد الثلاث أو على كمية الماء إذ كله تجاوز لفعل النبي -صلى الله عليه وسلم-. ومما يؤيد هذا قوله -صلى الله عليه وسلم-: