كنت أود أن أنهي الرد على فضيلة الشيخ الحبشي في رسالته "التعقيب الحثيث" بالمقال السابق، ولكن حضرته كان سمح لناشر الرسالة أن يكتب كلمة جعلها خاتمة لها، وبما أن فضيلته أقره عليها، فهو يتحمل مسؤوليتها الأدبية كسائر الرسالة، فكان لا بد من أنْ نبين رأينا حول تلك الكلمة، فأقول: قالا:
"فائدة ذكر السيوطي في رسالته "المنحة في السبحة" جماعة من اتخذوا السبحة أو ما في معناها". قلت: ثم ذكرا جماعة منهم: صفية، وأبو صفية مولى النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- وسعد بن أَبِي وقاص، وفاطمة بنت الحسين، وأبو هُرَيْرَة، وغيرهم.
وجوابنا على ذلك من وجهين:
الأول: أن هذه الآثار لا يصح شيء من أسانيدها، وَلَا فائدة كبرى من إطالة البحث بالكلام على جميع مفرداتها، وحسبنا أن نحقق القول على روايات هؤلاء الذين نقلنا عنها أسماءهم على سبيل المثال، وإلا فالواجب يقضي أن يقوم الشيخ بتحقيق الكلام عليها -لو كان يستطيع- لأنَّه هو الذي احتج بها، والقاعدة الأصولية تقول:"إن كنت ناقلًا فالصحة، أو مدعيًا فالدليل"!
ولكن أنى للشيخ أن ينقل الصحيح فقط وهو يجهله! فقد صرح في رسالته (ص ٢١) أَنَّهُ ليس له وظيفة التصحيح، ثم هو يستغل هذا الجهل، فيحتج بالأحاديث المنكرة والآثار الضعيفة، بينما الواجب عليه أن يتوقف عن الاحتجاج بشيء منها حَتَّى يقيض له من يعرفه بالصحيح منها والضعيف! ولهذا فإن كلا منا على بعض هذه الآثار هو من باب التطوع لا الواجب فأقول:
١ - صفية رضي الله عنها. ويشيرون بذلك إِلى حديثها المتقدم، وقد أعاد الكلام عليه الناشر، وقد بَيَّنَّا فيما سلف أن سند حديثها ضعيف، وأن الترمذي ضَعَّفَهُ، وكذلك سند حَدِيث سعد بن أَبِي وقاص ضعيف حَتَّى عند الحافظ ابن حجر، كما تقدم تحقيق ذلك كله، وقولهما: