قلت: قد أوجدنا لك ذلك عن غير واحد من السلف على خلاف ما كنت ترجوه فهل في ذلك ما يقنعك؟
ثم هب أنني لا أعلم أحدًا من السلف عادي السبحة، فما قيمة ذلك إِذَا كنت أنا إنَّما أعاديها لمخالفتها للسنة، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وهي محدثة اتفاقا، وهل يشترط عند أَهْلِ العِلْمِ والعقل في إنكار مفردات البدع أن يكون عندنا نقل (بإسناد صحيح) عن أحد من السلف بإنكارها بدعة بدعة؟ هذا مما لا يقوله من شم رائحة العلم!
فسقط بنك آخر جملة من كلامك المتعلق بالسبحة في رسالتك. وإلى الله المشتكي من إضاعة الوقت وتسويد الورق حولها، والشيخ متفق معنا على أنَّ الأفضل التسبيح بالأنامل كما سبق مرارًا، فتعال يا فضيلة الشيخ ندْعُ النّاس إِلَى ما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه، شريطة أن يكون غاية الجميع الحرص على إحياء السنة وإماتة البدعة، ورحم الله من قَال:
وخير أمور الدين ما كان سنة ... وشر الأمور المحدثات البدائع
[الخاتمة فيمن يجوز له التصحيح والتضعيف]
ثم إن فضيلة الشيخ عقد "خاتمة" في "من له حق التصحيح والتضعيف في الحديث، ومن ليس له ذلك؛ ومن هو الحافظ" وادعى أن "التصحيح والتضعيف من وظيفة الحافظ واختصاصه لا غير" .. ثم تقل بعض الكلمات في تعريف الحافظ، ومع أن هذه الكلمات مختلفة لا تعطي تعريفًا جامعًا مانعًا لـ "الحافظ" بل إن اختلافها يدل على أنَّ الأمر فيه واسع، وما نقله الشيخ عن الحافظ المزمي يؤيد ذلك، إنه قَال: إنه يرجع في ذلك إِلَى أهل العرف، فلو كان هناك تعريف متَّفقٌ عليه بينهم لما أحال الحافظ على أهل العرف، لا سيما وهم قليلون باعترافه، ومثله قول ابن سيد النّاس:
"وأمَّا ما يحكي عن بعض المتقدمين من قولهم: "كنا لا نعد صاحب حَدِيث من لم يكتب عشرين ألف حَدِيث في الإملاء" فذلك بحسب زمنهم"