ومما لا شك فيه أنه لا فرق بين تخصيص الذكر بوقت لم يرد، وبين تخصيصه بعدد لم يرد، إذ كله من باب واحد، فمن لا يجيز ذاك لا يجيز هذا، والعكس بالعكس، كحضرة الشيخ فإن كلامه صريح في جواز تقييد العدد المطلق فإنه قال فيما بعد (ص ٢٩): "وهل من ضير شرعًا في أن يواظب المرء على عدد مخصوص من هذه الأذكار لا ينقصه كل يوم .... "
فالذي يقول هذا، يقول بجواز تخصيص هذه الأذكار أيضًا بوقت لم يخصصه الشارع الحكيم به، وهذه غفلة عظيمة عما سبق من الإمام الشاطبي والفقيه ابن عابدين، وجهل الناس بهذه القاعدة أوقعهم في كثير من البدع تمسكها منهم بعمومات أدخلوا عليها بآرائهم قيودًا وهيئات ما أنزل الله بها من سلطان، وأنا أرى أن أذكر بعض الأمثلة على ذلك مما نبه العلماء على بدعيتها تنبيهًا للغافلين وتذكيرًا للمؤمنين.
أمثلة من البدع يلزم الشيخ القول بمشروعيتها خلافًا للعلماء:
١ - الأذان للعيدين.
٢ - السجود بعد السلام من الصلاة لغير سهو."الباعث على إنكار البدع والحوادث"(ص ٤٢)، "الاقتضاء" لابن تيمية (ص ١٤٠)، "حاشية ابن عابدين"(١/ ٧٣١).
٣ - المصافحة بعد الصلوات. "حاشية ابن عابدين"(٥/ ٣٣٦)، "المدخل"(٢/ ٢١٩).
٤ - الدعاء عند ختم القرآن جماعة."الفتاوى الهندية"(٥/ ٢٨٠).
٥ - اجتماع القوم يقرؤن في سورة واحدة يعني بصوت واحد "الباعث على إنكار البدع والحوادث"(ص ٥٨)، "الاعتصام"(١/ ٣٤)، "والموافقات"(٣/ ٧٢).