الحديث بتمامه وإنَّما القدر المتعلق منه بالباب لما سبق بيانه، ويؤيده أيضًا قول الترمذي في تمام تعريفه للحديث الحسن عنده:
وروى من غير وجه نحو ذلك، فهو عندنا حَدِيث حسن".
فقوله: "نحو ذلك" كالنص على أنَّه لا يريد أَنَّهُ موافق له من جميع معانيه وإلا لقال "مثل ذلك"، والفرق بين العبارتين لا يخفى على عالم، لا سيما إِذَا كان له اطلاع على هذا العلم الشريف.
فسقط بهذا التحقيق ما ادعاه الشيخ من مخالفتي لتحسين الترمذي وتصحيح الحافظ ابن حجر الحديث سعد، وثبت أن كلًا منها قد سبقني إِلَى القول بضعف سند الحديث، الأول تلويحًا، والآخر تصريحًا، وأن تحسين الأول منها وتصحيح الآخر له إنَّما أرادا متن الحديث في الجملة لا السند، وأني غير مخالف لما في ذلك، وأن ذكر النوى أو الحصى فيه ضعيف، لعدم ورود ما يشهد له، إلَّا حَدِيث صفية وهو منكر كما سبق بيانه عند الكلام على الحديث الأول: "نعم المذكر السبحة" ونزيده بيانا هنا فنقول:
[الحديث الثالث]
ثم قَالَ فضيلة الشيخ (ص ٢٣ - ٢٤):
"ثم قلتَ ما لفظه: الثاني عن صفية قالت: دخل عليَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبين يدي أربعة آلاف نواة أسبح بهن فقال: يا بنت حيي ما هذا؟ قلت: أسبح بهن، قَالَ: قد سبحت منذ قمتُ على رأسك أكثر من هذا .... قولي: سبحان الله عدد ما خلق الله من شيء. أخرجه الترمذي (١)، والحاكم من طريق هاشم
(١) قَالَ الشيخ هنا تعليقًا: "عزوك هذا اللفظ إِلَى الترمذي غير صحيح، فإن لفظ الترمذي سبحان الله عدد خلقه فمن شاء التحقيق فليتصفح الأصل" أقول، لقد عزوت الحديث للحاكم أيضًا كما ترى واللفظ له، فمثل هذا التعقب بما لا طائل تحته، بل هو يدل على تهافت الشيخ على النقد لمجرد النقد والشغب لا للفائدة، وإلا فما صنعته أنا مِمَّا جرى عليه عمل المحدثين ولولا الإطالة لأتيت على ذلك بعشرات الأمثلة، والنبيه تكفيه الإشارة.