الحمد لله الذي مَنَّ علينا فهدانا للإسلام، ووفَّقَنا لاتباع سنة نبيه عليه الصلاة والسلام، والانتصار لها، والذبِّ عن حوضها، والرد على من خالفها أو حاد عنها. والصلاة والسلام على رسوله القائل:"عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين، تمسكوا بها" وعلى آله وصحبه ومن تبعهم على الأخذ بها وإيثارها على كل ما خالفها.
أما بعد: فهذه رسالة لطيفه، في الرد على رسالة فضيلة الشيخ عَبْدُ الله الحبشي التي سماها "التعقب الحثيث على من طعن فيما صح من الحديث" أو "تحقيق البيان في إثبات سبحة أهل الإيمان"! لَعَقَّبني فيها -بزعمه- في ثلاثة أحاديث كنتُ تكلمت عليها في بعض مقالاتي التي تنشر تباعا في "مجلة التمدن الاسلامي" الزاهرة، تحت عنوان "الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيء في الأمة"، حكمت فيها بوضع حَدِيث "نعم الذكر السُّبحة، وضعف سند حديثي صفية وسعد رضي الله عنهما في التسبيح بالحصى أو النوي، فادَّعى الشيخ أن الحديث الأول ضعيف ليس بموضوع، وأن الحديثين الآخرين صحيحان! وبني على ذلك مشروعية عَدّ الذكر بالسبحة وحملها، بل جَعَلَها من شِعار أهل الأيمان!
ولو أن فضيلته ذهب إِلَى ما ذهب إليه دون أن يتعرض للرد علينا بما يخالف علم الحديث واصطلاحاته التي قررها العلماء -لما سمحنا لأنفسنا بالرد عليه، لأن له الحق أن يرى ما يشاء ما دام أَنَّهُ يظنه مشروعًا، والرد على مثل هذه الآراء لا يمكن أن ينتهي! ولكن لمَّا كان الشيخ قد خرج في رده على تلك القواعد، وخالفها مخالفة بينة، بل ونسب إلينا ما لم نقله وَلَا ندين الله به، رأيت أَنَّهُ لا بد من الرد عليه، وبيان أخطائه حَتَّى لا يغتر بها من لا علم عنده، وينسب إلينا ما لم نقله.