"فصل: ولا ينبغي أن يقتصر على سماعه وكَتْبِه دون معرفته وفهمه، فليتعرف صحته وضعفه، وفقهه ومعانيه ولغته وإعرابه وأسماء رجاله محققًا كل ذلك ... "
والحقيقة أن الغاية من علم الحديث في معرفة الصحيح من غيره، كما قال عز الدين ابن جماعة، ونص كلامه:"علم الحديث علم بقوانين يعرف بها أحوال السند والمتن، وموضوعه السند والمتن، وغايته معرفة الصحيح من غيره"(١).
والشرط الذي ابتدعه الشيخ يقضي على هذه الغاية العظمى، فإن الباحث في كتب السنة يقف على أحاديث كثيرة جدًا لا يجد من تكلم فيها تصحيحًا أو تضعيفًا، فالتوقف حينئذ عن التصحيح والتضعيف من عارف بهذا العلم الشريف مما يؤدي إلى تعطيل الغاية من علم الحديث كما هو بين لا يخفي.
وما مَثلُ من يقول بهذا إلا مَثَلُ من يزعم أنهُ لا يجوز للعارف بعلم أصول الفقه أن يفتي في نازلة حادثة بفتوى لا سلف له فيها! ففي هذا القول القضاء على غاية علم أصول الفقه، كما أن في قول الشيخ القضاء على الغاية من علم الحديث ولا فرق.
وخلاصة القول أن الشرط في "التصحيح والتضعيف" إنما هو الأهلية فقط، وأما الحفظ فشيء آخر، إن وجد فنور على نوره وإلا فليس بشرط كما أفادته كلمات الأئمة السابقة. والله الموفق لا رب سواه.