علم الحديث يقول بخلاف هذا، وبذلك يسقط قول الشيخ (ص ٣٧) عقب قول النووي المذكور:
"فهذا. صريح في دفع ما صنع هذا الكاتب من الإقدام على التضعيف للأحاديث المذكورة من غير أن يكون له في ذلك سلف صرح بذلك .... ".
ثم إن هذا الكلام مبني على أمرين كلاهما ساقط:
الأول: فهم كلام النووي من المنع بالجزم على أنه أراد المنع ولو على غلبة الظن وهذا خطأ لأن الظن دون الجزم، الثاني: أنه قلد في ذلك ابن الصلاح. وقد أثبتنا خطأه في ذلك بالنقول الصريحة عن العلماء، وما بني على خطأ فهو خطأ. ومن غرائب الشيخ أنه ينقض كلامه بنفسه! فإنه قال عقب كلامه المذكور:
"إن الذي تعطية القواعد الحديثية أن حديث (نعم المذكر السبحة) ضعيف بهذا السند"، فقد ضعف الحديث دون أن يذكر له سلفًا فيه! فما الفرق بيني فيما أضعفه من الأحاديث وبينه في هذا لولا الشغب؟
وأما الحديثان الآخران اللذان يشير الشيخ إلى أنْ لا سلف لي في تضعيفهما فهو اتهام من جملة اتهاماته الكثيرة التي لا حقيقة لها، فأحدهما وهو حديث سعد بن أبي وقاص سبقني إلى تضعيفه الحافظ ابن حجر، وأما الآخر وهو حديث صفية فقد ضعفه الترمذي بقوله "غريب ... وليس إسناده بمعروف" وسبق بيان ذلك كله، فلم أنفرد أنا بتضعيفهما، أقول هذا بيانًا للواقع، وإلا فإني لا أري هذا الشرط الذي يتكئ عليه الشيخ في رد تحقيقاتنا حول الأحاديث الضعيفة والموضوعة، ألا وهو أن يكون لنا سلف في التضعيف، فإنه خلاف ما أفادته كلمات الأئمة السابقة، بل أرى أن هذا الشرط فيه تعطيل للعلم وتجميد للفكر، وإلا فما فائدة قراءة هذه العلوم كلها، ومنها علم مصطلح الحديث إذا كان العارف به لا يجوز له أن يحكم إلا بما سُبِق إليه من صحة أو ضعف، وهل هذا إلا خلاف ما جاء في نفس "المصطلح"؟ ! قال النووي رحمه الله في "التقريب"(ص ٣٠):