يقتضيه البحث العلمي أن تبين أولًا فساد هذا المذهب الذي تمسك به العلماء المشار إليهم وتبعتُهم عليه، ثم تبني على ذلك صحة الاعتداد بتوثيق ابن حبان، إنك لو فعلت ذلك جاز لك حينئذ أن ترد حكمي بجهالة أحد الرواة متبعًا في ذلك العلماء التقاد بتمسكك بتوثيق ابن حبان له، ولكنك لم تفعل ذلك ولن تستطيع إلى ذلك سبيلا! وأما الجواب عن رده اعلالنا الحديث باختلاط ابن أبي هلال بقوله السابق:"يكفي أنه أخرج له الستة ... "
فأقول: الجواب على شطرين:
الأول: يتعلق بإخراج أصحاب السنن الأربعة له، فهذا لا حجة فيه مطلقًا لأنه من المعروف عند المشتغلين بعلم الحديث أن الأربعة لا يتقيدون في كتبهم هذه بالرواية عن الثقات فقط، بل يروون أيضًا عن الضعفاء، وعن المتروكين وبعضهم عن بعض الكذابين أيضًا! وما أظن أن الشيخ ينازع في هذا فلا أطيل القول فيه.
الثاني: إخراج الشيخين له، فهذا في ظاهره حجة للشيخ وليس كذلك لأمرين:
١ - أنه يجوز أنهما أخرجا له ولم يطلعا على ما اطلع عليه الإمام أحمد من اختلاطه، فهما معذوران بل مأجوران في إخراجهما له، ولكن هذا لا يلزمنا نحن الاعراض عن حكم الإمام أحمد باختلاطه، لأمرين اثنين تقررا في علم الأصول:
الأول: من علم حجة على من لم يعلم.
الثاني: الجرح مقدم على التعديل.
فهذه القواعد مع قول أحمد السابق كل ذلك حملني على إعلال الحديث بابن أبي هلال أيضًا، وإن كنت أعلم أنه من رجال الشيخين.
٢ - ويجوز أنهما أخرجا له مع علمهما باختلاطه، وحينئذ فالظن بها أنهما لم يخرجا له إلا ما علما أنه من حديثه قبل اختلاطه، ففي المختلطين جماعة استطاع المدققون من علماء الحديث أن يميزوا حديثهم قبل الاختلاط من حديثهم بعدهم الاختلاط، فلعل هذا متهم عند الشيخين، قال ابن الصلاح في مقدمة علوم الحديث في معرفة من اختلط في آخر عمره من الثقات (ص ٣٩١ الطبعة الحلبية):