فتأمل، ما أبعد الشيخ عن التحقيق العلمي حين ينسب إِلى مثل هؤلاء الأفاضل مخالفة السنة في رأينا، ومخالفة الأفضل في رأيه بمثل هذه الأسانيد الواهية! .
الوجه الثاني: لو صحت هذه الآثار أو بعضها فأنا نعارضها بما صح عن ابن مسعود من إنكاره العد بالحصي، وقد سبق تخريجه وبيان مصدره بل مصادره الكثيرة التي جهلها الشيخ -كما بينته فيما سبق فحسبنا الآن التذكير به، وبما ثبت عن الإِمام إبْرَاهِيم النخعي من انكاره فتل الخيط من أجل السبحة، واعتباره ذلك إعانة على المنكر! يضاف إِلى ذلك ما وقفت عليه أخيرًا عن أَبي بكر بن حفص قَالَ: سألت ابن عمر عن التسبيح بالحصى؟ فقال:"على الله أحصى؟ ! (١) الله أحصا! " رواه الإِمام أَبُو زرعة الرازي في تاريخه بسند صحيح عن أَبِي بكر هذا وهو عَبْدُ الله بن حفص بن عمر بن سعد بن أَبِي وقاص، وهو ثقة حجة.
فهؤلاء عَبْدُ الله بن مسعود وعبد الله بن عمر أفقه وأعلم من كل أولئك الصحابة الذين روى عنهم العد بالحصي، وكذلك إبْرَاهِيم النخعي أفقه من فاطمة بنت الحسين رضي الله عنهما، مع الفارق الكبير، وهو أن هؤلاء ثبت عنهم الإنكار للعدو أولئك لم يثبت عنهم العد!
ويمكن أن نضم إِلَى العبدين ابن مسعود وابن عمر السِّيدة عَائِشَة رضي الله عنهم، ولكن على طريقة الشيخ من الاحتجاج بما لم يثبت! فقد أخرج ابن أَبِي شيبة في "المصنّف" عن امرأة من بني كليب قالت:
"ورأتني عَائِشَة أسبح بتسابيح معي، فقالت: أين الشواهد؟ ! تعني الأصابع". ولكن حاشا لنا أن نحتج بما لم يصح لدينا، وإن استجاز ذلك غيرنا! بعلم أو بجهل! فإن هذه المرأة من بني كليب لم أعرفها.
ومن هذه الآثار الصحيحة يتبين للقراء الكرام خطأ ما نقله، الشيخ عقب تلك الآثار الواهية: