للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فجوى الخطاب، وقوله لا إنه كان موضوعاً الخ لأنّ سياقه لبيان قدرته يقتضيه فسقط ما قيل إنه ما المانع من إرادته فتأمل، وقوله وقيل كان الماء على متن الريح فلا يكون الماء أوّل بل هو الريح وحده أو مع الماء، ولو ترك المصنف رحمه الله هذا كله كان أولى. قوله: (متعلق بخلق الخ (أي اللام للتعليل متعلقة بالفعل المذكور، وأفعاله تعالى غير معللة بالأغراض! على المشهور لكنها يترتب عليها حكم، ومصالح تنزل منزلة العلل، ويستعمل فيها حرف التعليل على طريق التشبيه، والمجاز. قوله: (أي خلق ذلك كخلق من خلق الخ) يشير إلى أن إلابتلاء، والاختبار لا يصح وصفه تعالى به لأنه إنما يكون لمن لا يعرف عواقب الأمور فالمراد ليس حقيقته بل هو تمثيل، واستعارة شبه معاملة الله تعالى مع

عباده في خلق المنافع لهم وتكليفهم شكره واثابتهم إن شكروا وعقوبتهم إن كفروا بمعاملة المختبر مع المختبر ليعلم حاله، ويجازيه فاستعير له الابتلاء على سبيل التمثيل فوضع ليبلوكم موضع ليعاملكم، ويصح أن يكون مجازاً مرسلاً لتلازم العلم، والاختبار إلا أنه على جعل الابتلاء بمعنى العلم يصير التقدير خلق ذلك ليعلم الأحسن من غيره، وهذا أيضاً غير ظاهر لأن علمه قديم ذاني ليس متفرعاً على غيره فيؤوّل بأنه بمعنى ليظهر تعلق علمه الأزلي بذلك، وأمّا على أنه تمثيل، وأن المراد يعاملكم معاملة المختبر كما قرّرناه فلا تكلف فيه وهو مع بلاغته مصادف محزه فمن قال هنا إنّ ليبلوكم وضع موضعليعلم لم يصب والقرينة هنا عقلية وكون خلق الأرض وما فيها للابتلاء ظاهر وأمّا خلق السماوات فذكر تتميما، واستطراداً مع أنها مقرّ الملائكة الحفظة، وقبلة الدعاء ومهبط الوحي، إلى غير ذلك مما له دخل في الابتلاء في الجملة، وقيل إنّ ذكرها لأنها خلقت لتكون أمكنة للكواكب، والملائكة العاملين في السماوات والأرض لأجل الإنسان. قوله: (وإنما جاز تعليق فعل البلوى الخ) في الكشاف فإن قلت كيف جاز تعليق فعل البلوى قلت لما في فعل الاختبار من معنى العلم لأنه طريق إليه فهو ملاب! له كما تقول انظر أيهم أحسن وجهاً، واسمع أيهم أحسن صوتا لأنّ النظر والاستماع من طرق العلم، وقيل عليه إنه ينافي قوله في سورة الملك إنه سمي علم الواقع منهم باختبارهم بلوى، وهي الخبرة استعارة من فعل المختبر فإن قلت من أين تعلق قوله أيكم أحسن عملاً بفعل البلوى قلت من حيث إنه تضمن معنى العلم فكأنه قيل ليعلمكم أيكم أحسن عملاً، وإذا فلت علمته أزيد أحسن عملا أم هو كانت هذه الجملة واقعة موقع الثاني من مفعوليه كما تقول علمته هو أحسن عملا فإن قلت أتسمي هذا تعليقاً قلت لا إنما التعليق أن يوقع بعده ما يسد مسد المفعولين جميعاً كقولك علمت أيهما فعل كذا، وعلمت أزيد منطلق ألا ترى أنه لا فصل بعد سبق أحد المفعولين بين أن يقع ما بعده مصدراً بحرف الاستفهام، وغير مصدر به، ولو كان تعليقاً لافترقت الحالتان كما افترقتا في قولك علمت أزيد منطلق، وعلمت زيداً منطلقاً انتهى فقيل إنه مضطرب حيث جوزه هنا، ومنعه ثمة، وللشراح فيه كلام فمنهم من سلم، ومنهم من فرق بينهما فقيل إن التعليق لا يختص بالفعل القلبي بل يجري فيه، وفيما يلابسه ويقاربه بالفعل القلبي، وما جرى مجراه إمّا متعد إلى واحد أو اثنين فالأوّل يجوز تعليقه سواء تعدى بنفسه كعرف أو بحرف كتفكر لأنّ معموله لا يكون إلا مفرداً، وبالتعليق بطل عمله في المفرد الذي هو مقتضاه، وتعلق بالجملة ولا معنى للتعليق إلا إبطال العمل لفظا لا محلا وان تعذى لاثنين فإمّا أن يجوز وقوع الثاني جملة كباب علم أولاً فإن جاز علق عن المفعولين نحو علمت لزيد قائم لا عن الثاني لأنه يكون جملة بدون تعليق فلا وجه لعذه منه إذ لا فرق بين وجود أداة التعليق، وعدمها فالتعليق لا يبطل عمل الفعل أصلا كما في علمت زيداً أبوه قائم، وعلمت زيداً لأبوه قائم فإنّ عمله في محل الجملة لا فرق فيه بين وجود حرف التعليق، وعدمه وان لم

يجز وورد فيه كلمة تعليق كان منه نحو يسالونك ماذ! ينفقون فإن المسؤول عنه لا يكون إلا مفرداً وهنا احتمالان أن يكون فعل البلوى عاملاً في قوله أيكم أحسن عملا، وفعل البلوى كقتضي أن يكون مختبر ومختبر به، والمختبر به لا يكون إلا مفردا لأنه مفعول بواسطة الباء كقوله: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ} [سورة البقرة، الآية: ١٥٥] والتعليق أبطل مقتضاه، وأن تضمن الفعل معنى العلم فيكون العلم عاملا فيه، وهو مفعوله الثاني، ولا يقع التعليق فيه

<<  <  ج: ص:  >  >>