الأصوليون في الأمر الوارد بعد المنع، فقيل: للإباحة استدلالاً بما هنا فإنه لم يذهب أحد من أصحاب المذاهب المشهورة إلى أنه للإيجاب، وهذا عائد بالنقض في دليله ومدلوله، أمّا في دليله فلأن الأصل بقاء الأمر على أصله من الإيجاب أو الندب، وهذا مثال جزئيّ لم يحمل عليه، لأنّ الاتفاق على خلافه قرينة مانعة عن إرادته، ولأنّ المعاملات حق شرع للعبد رفقا به، فلو أوجب أو طلب كان مشقة لا رفقا به، وأشار المصنف رحمه الله إلى دفعه بالحديث أيضا، فإنه دل على أن المأمور به أمر أخروي لا دنيوي، فهو باق على الندبية، ولا دليل فيه لهم على الإباحة وتفصيله في الأصول. قوله:(واذكروه في مجامع أحوالكم) أي في كل مكان لكم جامع لأحوالكم، وعدم الاختصاص مفهوم من عدم تقييده بحال، ومكان وزمان، والأمر للندب، وقوله: فمرّت عليه عير بكسر العين أي إبل محملة بأنواع المأكولات المجلوبة كالبر، وقوله: إلا اثني عشر رجلا من الصحابة رضي الله عنهم، وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة بن الجرّاج وسعيد بن زيد وبلال وعبد القه بن مسعود، وفي رواية عمار بن ياسر بدل ابن مسعود، وعد في مسلم منهم جابراً. قوله:) وأفراد التجارة برد الكناية الخ) يعني كان مقتضى الظاهر إليهما لسبق شيئين، أو إليه بعود الضمير على
ما ذكر، وعوده على الرؤية المفهومة من رأوا خلاف الظاهر المتبادر، والكناية هنا بمعنى الضمير اصطلاح النحاة والمشهور هو اصطلاح أهل المعاني، وقوله: لأنها المقصودة، يحني فاكتفى بالأهمّ كما قرّرناه، وفيه نظر لأنه بعد العطف بأو لا يثنى الضمير، ولا الخبر ولا الحال ولا الوصف لأنها لأحد الشيئين حتى تأوّلوا إن يكن غنيا أو فقيراً فالله أولى بهما، كما مز وتفصيله في إعراب السمين، فالظاهر أن يقال: وحد الضمير لا! العطف بأو واختير ضمير التجارة دون اللهو، لأنها الأهم المقصود وقد يقال: إنه المراد فتدبر، وقوله: فإنّ المراد الخ بيان لأنه الأهمّ. قوله:(والترديد الخ) يعني العطف بأو للدلالة على ما ذكرنا، إذ لو عطف بالواو اقتضى أن الانفضاض لهما معا، وحينئذ فعدم ذكره لعدم الاعتداد به، ولا تغليب فيه كما توهم، وقوله: أو للدلالة عطف على قوله للدلالة قبله، لا على قوله لأنها المقصودة، كما قيل لأنه يتراءى في بادئ النظر إنه علة لتخصيصه بإرجاع الضمير إليه، وهو ظاهر، لكن وجه ما قلناه، وهو المتبادر من السياق أنه سوّى بينهما وذثم الانفضاض إلى التجارة دونه اعتماداً على شذة الظهور فيه، وأنه يعلم بالطريق الأولى فتأمّل. قوله:) وقيل تقديره الخ (ووجه تمريضه ما مرّ من أنه بعد العطف بأو لا يحتاج إلى الضمير لكل منهما، بل يكفي الرجوع لأحدهما، فهو تقدير من غير حاجة. قوله: (بخلاف ما يتوهمونه من نفعهما (إشارة إلى أن التفضيل عليهما، واثبات الخبرية لهما بناء على زعمهم وتوهمهم وإلا فخيرية اللهو متوهمة لا حقيقة لها، وخيرية التجارة غير باقية، كما في سائر أمور الدنيا وتقديم اللهو ليس من تقديم العدم على الملكة، كما توهم بل لأنه أقوى مذمة فناسب تقديمه في مقام الذمّ، وقوله: وعن النبيّ صلى الله عليه وسلم الخ حديث موضوع، وخص الأمصار لأنها إنما تلزم فيها على ما عرف في الفقه، تمت السورة والصلاة والسلام على المنزلة عليه وعلى آله وصحبه الكرام.
سورة المنافقون
مدنيتها وعدد آياتها لم يختلف فيه.
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله: (الشهادة إخبار عن علم) هو تفسير له اتكالاً على فهم السامع، لا تعريف حتى
يقال: إنه تعريف غير تامّ، والتعريف التامّ هو أنها أخبار بحق للغير على آخر عن يقين، وأمّا هذا فمنقوض بالدعوى والإقرار، وغيره من الأخبار عما يشاهد، وكونها بالمعنى اللغوي لا يقابل ما ذكر، أو التعريف بالأعم جائز عند الفقهاء واللغويين مما لا حاجة إليه، وقوله: من الشهود أي مشتقة أو ماخوذة منه، وقوله: ولذلك أي لكون معنى الشهادة ما ذكر. قوله:(صدّق المشهود به الخ) المعلل في الحقيقة تكذيبهم في إخبارهم عن