يأخذه منكم كما ياخذ من الكفار جميع أموالهم، ولا يخفى حسن مقابلته لقوله:{يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ} أي يعطيكم كل الأجور ويسالكم بعض المال، وقوله: كربع العشر إشارة إلى الزكاة، وما فصلى فيها. قوله:(فيجهدكم الخ) أي يشق عليكم طلبه للكل، واستأصله أخذ أصله وهو كناية عن أخذ الجميع، وقوله: فلا تعطوا إشارة إلى أنّ المراد من البخل عدم الإعطاء إذ هو أمر طبيعيّ لا يترتب عليه السؤال، وقوله: ويضغنكم أي يوقعكم في الضغن، وهو الحقد، والضمير في يخرج لله أو للبخل أو للسؤال ولا بعد فيه، وقوله: لأنه سبب الخ فالإسناد مجازيّ. قوله:(أي أنتم مخاطبون) وفي نسخة إنكم إشارة إلى أنّ ها مكرّرة للتأكيد داخلة على المبتدأ المخبر عنه باسم الإشارة، وقوله: الموصوفون أي بما تضمنه أن يسألكموها الخ فإنّ الإشارة تفيده كما مرّ تحقيقه في أولئك هم المفلحون فتذكره يعني أنّ هؤلاء المخاطبين هم الذين إذا سئلوا لم يعطوا وأنهم المفتضحون، وجملة تدعون الخ. مستأنفة مقرّرة، ومؤكدة لاتحاد محصل معناهما فإنّ دعوتهم للإنفاق هو سؤال الأموال منهم، وبخل ناس منهم هو بمعنى عدم الإعطاء المذكور مجملا أولاً. قوله:(أو صلة لهؤلاء) هكذا في الكشاف، وهو مذهب كوفيّ، ولا يكون عند البصريين اسم إشارة موصولاً إلا إذا تقدّمه ما الاستفهامية كماذا باتفاق أو من الاستفهامية باختلاف فيه، وقوله: وهو يعم الخ لأنّ معناه إنفاق مرضيّ لله مثاب عليه مطلقا فيشمل كل ما كان كذلك كالنفقة للعيال، والأقارب واطعام الضيوف، وليس مخصوصاً بالغزو كما يتبادر مته، ولذلك صرح به المصنف، وقوله: ناس يبخلون إشارة إلى أنّ من تبعيضية، وقوله: كالدليل لم يجعله دليلاً لما يلزمه ظاهرا من إثبات الشيء بنفسه لأنه مقرّر له كما مرّ، ووجه كونه كالدليل لأنّ الناس، وكل جماعة منهم من يجود، ومن يبخل. قوله:(والبخل يعدى بعن وعلى) والثاني هو المشهور فيه، وقوله: لتضمنه إن أراد بالتضمن كونه في ضمن معنا. الوضعي فهو على حقيقته، وإن أراد التضمن المصطلح يجري فيه الأقوال السابقة، والظاهر هو الأوّل، والمعنى أنه يمسك الخير عن نفسه أو نحوه مما يناسب مقامه، وقوله: فما يأمركم الخ بيان لأنّ هذه الجملة مبينة مقرّرة لما قبلها، وقوله: ثم لا يكونوا الخ، ثم للتراخي
حقيقة أو لبعد الرتبة عما قبله لأنّ الظاهر توافق الناس في الأحوال، والميل إلى المال، والزهد إذا تعدى بفي فمعناه الترك، والإعراض كما هنا. قوله:(لآنه سئل الخ) حديث صحيح رواه الترمذي وغيره، وهو على شرط مسلم قال الشارح المحقق: حمل القوم على الملائكة بعيد في الاستعمال، وأمّا الحديث بعده فموضوع كنظائره، ثم مناسبة أوّل هذه السورة، وآخرها لما بعدها ظاهر منتظم غاية الانتظام فالحمد دلّه على حسن الختام، وعلى أفضل أنبيائه وأصحابه الكرام أفضل صلاة وسلام يتحلى بهما جيد الليالي، والأيام.
سورة الفتح
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله:(مدنية) قيل بلا خلاف وفيه نظر، وقيل: إنها نزلت بجبل قرب مكة يسمى ضجنان بضاد معجمة وجيم ونونين بزنة سكران، وقوله: نزلت في مرجع الخ قيل إنه خص هذه السورة ببيان وقت نزولها، وليس من دأبه، ولم يجر مثله في غيرها لدفع توهم كونها مكية لأنه صلى الله عليه وسلم كان بنواحي مكة وقت نزولها سوأء قلنا المدنيّ، والمكيّ بمعناه المشهور أولاً لا سيما وقد ذكر في الهداية أنّ بعض الحديبية من حرم مكة فلو لم يذكر أنّ نزولها بعد الرجوع ربما توهم أنها مكية على أحد الأقوال فيه، والخطب فيه هين. قوله تعالى:( {إِنَّا فَتَحْنَا} الخ (أكده بأن والمخاطب هو النبيّ صلى الله عليه وسلم، ولا يتوهم منه تردّد، ولا إنكار فيما أخبره الله به لأنّ التأكيد لا يلزمه ما ذكر فقد يكون لصدق الرغبة فيه، ورواجه عنده كما صرّح به التفتازاني مع أنه قد يجعل غير السائل كالسائل المتردد لوجوه لا تحصى، وأيضا التردّد لا يلزم أن يكون ممن ألقى إليه الكلام سواء كان تردّدا في وقوعه أو في تعيين زمانه كما وقع لعمر رضي الله عنه هنا. قوله: (وعد) الوعد