الله تعالى إشارة إليه، ويشهد له تخصيصه بهذه السورة لأنّ مبناها على إرشاده كما مرّ فما قيل أن تخصيصها للتشريف لأنه جاءه في غيرها فيه نظر، وقوله على حالكم قد مز تحقيقه في تفسير المكانة، وقوله الدوائر أي وقوع الدوائر، وهي ما يخاف ويكره كقوله:{نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ} [سورة المائدة، الآية: ٥٢،. قوله:(خاصة لا يخفى عليه خافية) هو بيان لمعنى اللام والاختصاص المستفاد منها ومن التقديم، وكونه لا يخفى عليه خافية من عموم المصدر المضاف فإنه من طرق العموم فأفاد أنه يعلم كا! غيب، وأنه لا يعلم ذلك سواه، وقيا! إنه إذا علم غيبا علم ما سواه إذ لأفاوق، وقوله مما فيهما قيل إشه إشارة إلى أن الاضافة على معنى في. قوله:) فيرجع لا محالة الخ (فهي كلمة جامعة دخا
فيها تسليته صلى الله عليه وسلم وتهديد الكفار بالانتقام منهم دخولاً أوليا. قوله: (وفي تقديم الأمر بالعبادة على التوكل تنبيه على أنه) أي التوكل إنما ينفع العابد لأنّ تقدّمه في الذكر يشعر بتقدمه في الرتبة أو الوقوع. قوله:(أنت وهم) قيل هو ظاهر في بيان إنّ الاية! ت قبيل التغليب فيكون تفسيره مبنيا على قراءة تعملون بتاء الخطاب الفوقية فلا يناسبه قوله، وقرأ نافع، وابن عامر وحفص الخ الموجود في بعض النسخ، ولذا قيل إنّ الأصح إسقاطه، وليس بشيء لأنه فسره على القراءة المختارة ثم ذكر أنها قرنت بالوجهين فأفي محذور في التصريح بما علم ضمناً. قوله:(من قرأ سورة هود الخ) قد مرّ أنّ هود ممنوع من الصرف في اسم السورة، وأنّ الرواية عليه وهذا الحديث رواه ابن مردويه، والواحدي عن أبيّ رضي الله عنه، وهو موضوع كما ذكره ابن الجوزي في موضوعاته (إلى هنا انتهى) ما أردنا تعليقه على سورة هود بمن من بيده الكرم والجود يسر الله تعالى اتمام ما أردناه، ووفقنا لفهم معاني كلامه على ما يحبه ويرضاه، وأفضل صلاة وسلام على أفضل أنبيائه وعلى آله وأصحابه وأحبائه ما مشت الأقلام على الطروس لخدمة كتابه وسمع صريرها طربا بلذيذ خطابه آمين.
سورة يوسف عليه السلام
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله:(مكية) وقيل إلا ثلاث آيات من أوّلها، ولما ختمت السورة التي قبلها بقوله:
{وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ} ذكرت هذه بعدها لأنها من أنبائهم، وقد ذكر أوّلاً ما لقي الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من قومهم، وذكر في هذه ما لقي يوسف من اخوته ليعلم ما قاسوه من أذى الأجانب والأقارب فبينهما أتمّ المناسبة، والمقصود تسلية النبيّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بما لاقاه من أذى القريب والبعيد. قوله:(مائة وإحدى عشرة) قال الداني بالاتفاق. قوله:(تلك إشارة إلى آيات السورة وهي المراثة بالكتاب (لم يتعرّض للمراد بالر اعتمادا على ما فصله في أوّل البقرة مع ما فيه من الإشارة إلى أنها حروف مسرودة على نمط التعديد لأنها لو كانت أسماء للسورة لصرّج بأنها المشار إليها وحينئذ فالاشارة إلى ما بعده لتنزيله لكونه مترقباً منزلة المتقدم أو جعل حضوره في الذهن بمنزلة الوجود الخارجي كما في قوله: {هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ}[سورة الكهف، الآية: ٧٨] والاشارة إلى ما في اللوج بعيد، والاشارة بما يشار به للبعيد أمّا على الثاني فلأنه لما لم يكن محسوسا نزل منزلة البعيد لبعده عن حيز الاشارة أو لعظمه، وبعد مرتبته، وعلى غيره لذلك أو لأنه لما وصل من المرسل إلى المرسل إليه صار كالمتباعد، وقد مرّ تفصيله:
والحر تكفيه الاشارة
وقوله وهي المرادة بالكتاب أي المراد به السورة لأنه بمعنى المكتوب فيطلق عليها، ولم
يذكر أنّ المراد بها القرآن كما في سورة الرعد اكتفاء بالظاهر، ولايهامه أنها جميع آياته، وليس القصد إليه مبالغة، والقرينة لا تدفع الايهام ولا ينافيه تلك آيات القرآن في النمل لأنّ القرآن يطلق على بعضه كما صرّح به المصنف رحمه الله تعالى فالاعتراض به غفلة عنه، ثم إن فائدة الأخبار حينئذ تقييدها بالصفة المذكورة بعدها، وهي المبين كما أشار له بقوله الظاهر الخ فتأمّل. قوله: أالظاهر أمرها في الاعجاز) بشير إلى أنّ المبين من أبان، وهو يكون لازماً بمعنى
ظهر، ومتعدياً بمعنى أظهر فعلى أخذه من الأوّل المراد الظاهر أمرها واعجازها فحذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه فارتفع، واستتر وعلى الثاني المفعول لمبين مقدر، وهو أنها من عند الله