عليه إن الإمام الغزالي رحمه تعالى قال: الفرق بين الولي والنبيّ نزول الملك فإنّ الولي يلهم والنبيّ ينزل عليه الملك مع كونه يكون ملهماً فإنه جامع بين النبوّة والولاية، وتنبه له بعض أرباب الحواشي ففسر التلقي من الملك بالإلهام لأنه من نفث الملك بالروع وهو خلاف الظاهر ووده الشيخ الأكبر في الفتوحات، وقال: إنه غلط من قائله دال على عدم ذوقه والفرق بينهما إنما هو فيما ينزل به الملك لا في نزوله فإنه ينزل على الرسول والنبيّ بخلاف ما ينزل به على الولي التابع، وقد ينزل عليه بالبشرى والفوز والأمان في الحياة الدنيا كما قال:{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ}[سورة
فصلت، الآية: ٣٠] إلى آخر ما فصله فأعرفه. قوله:(ليعلم المرتضي) فسره بما يشمل الوجهين وكذا ما بعده محتمل لهما خلافاً لمن قصر بعضها على بعض. قوله تعالى:( {وَأَحَاطَ} ) قيل: هو معطوف على أبلغوا إن كان ضمير ليعلم للنبيّ الموحى إليه وأما إن كان الضمير لله فهو عطف على لا يظهر أي عالم الغيب فلا يظهر وأحاط بما عند الرسل وأحصى كل شيء عددا ويجوز هذا أيضاً على التقدير الأوّل وقيل: جملة أحاط حالية بتقدير قد وفيها دفع للتوهم الناشئ من الكلام السابق، وقوله: ليتعلق به علمه إشارة إلى أنّ علمه قديم، والمقترن بالزمان تعلقه بالمعلوم وإن تعليل هذا بالعلم الأزلي غير مراد بل هو معلل بتعلقه الحادث واظهاره ليتعلق به الجزاء كما في قوله:{نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ} كما مرّ تحقيقه وقوله: كما هي أي من غير تغيير وتبديل، وقوله عن النبيّ صلى الله عليه وسلم الخ حديث موضوع تمت السورة.
سورة المزمل صلى الله عليه وسلم
هي مكية بجميعها، وقيل: إلا آيتين منها واصبر على ما يقولون وما يليها وقيل، وقوله:
{إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ} إلى آخر السورة وآياتها فيها اختلاف كما ذكره المصنف وقيل: هي ثمان عشرة.
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله: (وقد قرئ به (هي قراءة لأبيئ على الأص! وهي شاذة وقوله: وبالمزمل أي بتخفيف الزاي على أنه اسم مفعول أو فاعل من زمل بزنة فعل والكسر قراءة عكرمة، وقوله: الذي زمله غيره هو بيان له على قراءة الفتح وقوله: أو زمل نفسه على قراءة الكسر لأن ذكر الفاعل دون المفعول يدل على أنه حذف مفعوله للعلم به أو نزل منزلة اللازم فلذا لم يبن للمفعول ففيه لف، ونشر مرتب وما قيل من أنه متجه على القراءتين لا وجه له وكذا ما قيل إنه متعبر في الثاني ضرورة فإن تلت: لا بد من أن يكون زمل نفسه أو زمله غيره فأحدهما متعين، والقرا آت كلها متواترة فكيف اجتمعا قلت: هو زمل نفسه من غير شبهة فإن نظر إلى أن كل أفعاله من الله فقدر زمله غيره فلا يرد هذا كما توهم حتى يقال: إنه زمل نفسه، أولاً ثم نام فزمله غيره أو يعكس ولو ترك مثله رأساً كان أحسن، وقوله: سمى به النبيّ-لمجي! أي أطلق عليه في القراآت كلها. قوله: (تهجينا لما كان عليه (التهجين التقبيح وقد تبع في هذه العبارة الزمخشريّ، وشنع عليه صاحب الانتصاف فيها، وقال: إنّ فيه سوء أدب وهو كما قال: واما اعتذاره عنه في الكشف بأنه من ليطف العتاب الممزوج بالرأفة وقد خوطب بما هو أشد منه في قوله: {عَبَسَ وَتَوَلَّى} فليس بشيء لأنّ الله له أن يخاطب حبيبه بما شاء ونحن لا نجري على ما عامله به بل يلزمنا الأدب والتعظيم لجنابه الكريم، ولو خاطب بعض الرعايا الوزير بما خاطبه به السلطان طرده الحجاب وربما كان العقاب هو الجواب، والحق ما قاله السهيلي رحمه الله تعالى: من أنه تأنيس له وملاطفة على عادة العرب في اشتقاق اسم للمخاطب من صفته التي هو عليها كقوله-! فه لعلي كرّم الله وجهه:" قم يا أبا تراب " قصدا لرفع الحجاب وطيّ
بساط العتاب وتنشيطاً له ليتلقى ما يرد عليه بلا كسل:
وكل ما يفعل المحبوب محبوب
قوله: (لما كان عليه (متعلق بتهجينا، والمراد نومه متزملاً كما يفعله من لا تهمه الأمور والثؤون على ما في الكشاف وفيه ما فيه، وقوله: أو مرتعداً على ما روي في حديث بدء الوحي، وقوله: دهشة قيل الصواب أدهشه لأن دهش كفرح لازم بمعنى تحيروا أما دهش فهو مدهوش فوضع على صيغة المجهول كزهي ومن ضبطه بالتشديد من التفعيل فقد تعدى المعروف في استعماله