وادعوهم إلى العبادة فهو كقوله:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ}[سورة البينة، الآية: ٥] فذكر العبادة المسببة شرعاً عن الأمر أو اللازمة وأراد سببها أو ملزومها فهو مجاز مرسل، وقيل: أراد المؤمنين من جنسي الجن، والإنس، وعن مجاهد أن معنى ليعبدون
ليعرفوني، واختاره الإمام. قوله:(أو ليكونوا عبادا لي) قيل عليه أنّ عبد بمعنى صار عبداً ليس من اللغة في شيء إلا أن يقال إنه من عبد بمعنى خدم وخضع، والخدمة والخضوع من لوازم العبودية فهو مجاز مرسل، وفيه نظر. قوله:(أي ما أريد أن أصرفكم في تحصيل) كان مقتضى الظاهر أن أصرفهم، وفليشتغلوا بما هم الخ. فكأنه نظر إلى أنهم، وإن ذكروا بطريق الغيبة إعراضاً عنهم، وتبعيداً عن ساحة الخطاب إلا أنّ أسماعهم مقصود هنا فكأنهم مخاطبون فلذا جوّز تقدير قل قبله فتدبر. قوله:(كالمخلوقين له والمأمورين به) بالجرّ في النسخ عطفا على المشبه لكنهم كما قيل مأمورون حقيقة لا مشبهون بهم فالصواب رفعه عطفا على الكاف، وتوجيهه بأنه مرفوع لكنه جزد مجاورته للمجرور مع فصله بقوله له تكلف لا يخفى بعده، وأقرب منه أن يراد أنهم هنا كالمأمورين لأنه لم يصرّح هنا بأمرهم فتدبر. قوله:(ويحتمل أن يقدر بقل) والغيبة فيه رعاية للحكاية فإن مثله يجوز فيه الغيبة، والخطاب، وقد قرئ بهما في قوله:{قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ}[سورة آل عمران، الآية: ١٢] وقد مرّ توجيهه ومن غفل عنه اعترض عليه بأنّ الغيبة لا تلائمه في المقامين وقيل المراد قل لهم وفي حقهم فتلائمه الغيبة في منهم، ويطعمون، ولا ينافيه قراءة أنا الرزاق لأنه تعليل للأمر با اغول أو الائتمار لا لعدم الإرادة فتدبر. قوله:(كل ما يفتقر إلى الرزق) عبر بما لأنها عامة في العقلاء وغيرهم فإن اختصت بغير العقلاء فهو لتغليبهم لكثرتهم، وفيه إشارة لمفاد صيغة المبالغة، وحذف المفعول وقوله: باستغنائه عنه أي عن الرزق لأنه لا رازق غيره فهو الغني عما سواه وما سواه مفتقر له. قوله:(شديد القوّة) فذكره بعد ذكر القوّة تأسيس لا تأكيد، ووصف القوّة به مع تذكيره لتأويلها بالاقتدار أو لكونه على زنة المصادر التي يستوي فيها المذكر، والمؤنث أو لإجرائه مجرى فعيل بمعنى مفعول، وجعله صفة ذو جرّاً على الجوار ضعيف، وفي وصفه بالقوّة والمتانة إشارة إلى كمال اقتداره، وقوله: ظلموا رسول الله من العهد الذي في الصلة. قوله:(نصيباً من العذاب (أصل الذنوب الدلو العظيمة الممتلئة ماء أو القريبة من الامتلاء، وهي تذكر وتؤنث وجمعها أذنبة وذنابيب فاستعيرت للنصيب مطلقا شرّاً كالنصيب من العذاب في الآية أو خيراً كما! ى العطاء في قوله:
فحق لشاس من نداك ذنوب
وهو مأخوذ من مقاسمة ماء البئر فيعطي لهذا ذنوب، ولآخر مثله كما بينه المصنف رحمه
الله، وقوله عن النبيّ صلى الله عليه وسلم الحديث موضوع وخص المعدود به بالرياح لذكرها في أوّل السورة تمت السورة بحمد الملك العلام والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه الكرام.
سورة والطور
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله: (مكية الم يستثن منها شيء واختلف في عدد الآيات فقيل: سبع، وقيل: ثمان وقيل: تسع، وأربعون والاختلاف في قوله والطور إلى قوله: دعا وسيأتي، وقوله: يريد طور سينين فإنه يضاف إليه، والى سيناء لتمييزه عن الطور الملاصق لبيت المقدس المعروف بطور زيتا، ومدين هي أرض شعيب عليه الصلاة والسلام، وقوله: سمع الخ إشارة إلى وجه عطف الكتاب عليه لما بينهما من المناسبة التي لولاها لم يحسن العطف وقوله: بالسريانية هي أقدم اللغات، وهذا قول بعضهم، والذي عليه الجمهور إنها لغة عربية غير معرّية وقوله: أو ما طار الخ. فهو اسم من الطيران، والمراد بما طاو الأرواح كما قيل: فالطيران استعارة لتنزلها عن عالم القدس، والملكوت وأوج الإيجاد استعارة له أيضا، وحضيض الموادّ استعارة لعالم الملك أو هو من قبيل لجين الماء فالحضيض المواذ لكن استعمال الطور بهذا المعنى لم يعهد فكأنه من البطون، والأوح العلو، والعالي من صوب السماء، وضده الحضيض، وقيل: إنه معرّب. قوله: (ترتيب الحروف المكتوبة)