باتفاق أهل السنة، وقوله عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - الخ حديث موضوع ٣١ (تمت السورة والصلاة والسلام على أفضل الأنبياء العظام وآله وصحبه الكرام.
سورة والضحى
لا خلاف في عدد آياتها ولا في كونها مكية.
بسم الله الرحمن الرحبم
قوله: (ووقت ارتفاع الشمس الخ) تقدّم في سورة والشمس تفسير الضحى بالضوء وارتفاع النهار ارتفاعا عاليا، وارتفاع النهار بارتفاع شمسه، وما ذكره المصنف رحمه الله تعالى على أنه أريد الارتفاع وقدر فيه مضاف لوقوعه في مقابلة الليل أو على أنه تجوّز عن الوقت بما بقع فيه بعلاقة الحلول، وهو مجاز مشهور كما مرّ ولم يقل وقت ضوء الشمس حين أشرقت، وألقت شعاعها والمآل واحد وإن قيل إنه أن! سب لأنّ الضوء ليس له وقت مختص به بخلاف الارتفاع فتدبر. قوله:(وتخصيصه لأنّ النهار الخ) الظاهر أنّ المراد قوة غير قريبة من ضدها فلا ينتقض بما بعده إلى الزوال، ولذا عدّ شرفا يومياً للشمس وسعدا، وخص موسى عليه الصلاة والسلام بالتكليم فيه لأن الإنسان فيه غير كليل الذهن، وهو شباب النهار فلما ذكر شرف على غيره وخص القسم به، ولكونه وقت تكليم موسى هنا مناسبة أخرى للمقسم عليه، وهو أنه تعالى لم يترك النبيّ صلى الله عليه وسلم ولم تفارقه ألطافه وتكليمه، وقوله: وألقى السحرة سجداً لقوله: وأن يحشر الناس ضحى وقوله: أو النهار معطوف على قوله وقت ارتفاع الشمس فهو مجرور، وكذا لو عطف على مجموع قوله: ووقت وقوله: ويؤيده وجه التأييد أنه أريد به فيه النهار لمقابلته لقوله: بياتا فيجوز أن يراد هنا لوقوعه في مقابلة الليل أيضا، فإن قلت: لا وجه للتأييد لأنه وقع ثمة في مقابلة البيات. وهو مطلق الليل، وأمّا هنا فوقع في مقابلة الليل مقيداً باشتداد ظلمته فالمناسب أن يراد به ارتفاعه وقوّة إضاءته، قلت: كذا اعترض على المصنف رحمه الله تعالى وأجيب عنه بأنه قوبل بالليل هنا وتقييده لا يوجب استعماله في غير معناه وأخذ الاشتداد من سبحا بعيد ولا يخفى ضعفه. قوله:(سكن أهله الخ) فسبحا بمعنى سكن، ونسبته إلى الليل مجازية وهو أحسن من تقدير المضاف فيه مع جوازه ولا يلزمه حذف الفاعل، أو استتار الضمير البارز ومثله لم يعهد كما توهم فإنه خطأ فاحش، وسكون أهله بعد مضيّ برهة منه، وقوله: ركد ظلامه معناه اشتد ظلامه، وهو بمضيئ بعضه أيضاً لبعد الشمس عن الأفق وأصل الركود عدم الجريان في الماء فتجوّز به عما ذكر، وعلى هذا ففي سبحا استعارة تبعية أو مكنية،
وقوله: من سبحا البحر الخ فليس معنا. مطلق السكون بل سكون الأمواج ثم عمّ وهو في الأصل مجاز مرسل كالمرسن، وقوله: سبحوا بوزن عد ومصدره. قوله:(وتقديم الليل الخ) إنما كان الأصل التقدم في الليل لأنه ظلمة وعدم أصليّ، والنوم يحدث فيه بإزالته لأسباب حادثة عنده وقد مرّ الكلام عليه في أوّل سورة الأنعام وما له وعليه، وقونه: باعتبار الشرف لأنه نور وللنور شرف ذاتي على الظلمة والظاهر أنه لكثرة منافعه، أو لمناسبتة لعالم المجردات فإنها نورانية فإن فهمت فهو نور على نور، والمراد بالتقديم وقوعه ممدرا به السورة فلا يتوهم أنه غفل عن تقدّمه في قوله:{وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا}[سورة الشمس، الآية: ٣] لم يذكر النكتة في محلها كما قيل ولا حاجة لتكلف أنه ذكر ثمة باعتبار تجلي الشمس هإيضاح إشراقها فكأنه من تتمة قوله: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} فلذا لم يتعرضوا له، ثم إنّ الطيبيّ طيب الله ثراه قال: إنه تعالى أقسم له بوقتين فيهما صلاته وقريب زلفاه ومناجاته إرغاما لأعدائه وتكذيبا لهم في زعم قلا. وجفائه كأنه قيل وحق قربك لدينا وزلفاك عندنا إنا اصطفيناك، وما هجرناك وقليناك فهو كقوله:
وثناياك إنها إغريض
فلذ دره. قوله:(ما قطعك قطع المودع) يعني أنّ التوديع مستعار استعارة تبعية للترك
هنا، وفيه من اللطف والتعظيم ما لا يخفى فإن الوداع إنما يكون بين الأحباب ومن تعز مفارقته كما قال المتنبي:
حشاشة نفس ودّعت يوم ودّعوا فلم أدر أيّ الظاعنين أشيع