للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من رحم لتأويلها بأن، والفعل أو كونها بمعنى الخير، وتكون الاشارة لاثنين كما في قوله: {عَوَانٌ بَيْنَ} [سورة البقرة، الآية: ٦٨] ذلك والمراد لاختلاف الجميع، ورحمة بعضهم خلقهم، وهذا معزوّ إلى ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وان كان الضمير لمن فالإشارة للرحمة بالتأويل السابق.

قوله: (وعيد) وفي نسخة وعيده فيكون بيانا لأنها مجاز عن الوعيد وإن قيل إنه يجوز أنه حقيقة بإرادة الكلمة الملقاة للملائكة عليهم الصلاة والسلام، والكلمة بمعناها اللغويّ، وهو الكلام. قوله: (من عصاتهما أجمعين أو منهما أجمعين لا من أحدهما) إشارة إلى دفع ما يسأل عنه في هذه الآية، وآية السجدة: {وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [سورة السجدة، الآية: ١٣] كما قال بعض المتأخرين إنّ ظاهرها يقتضي دخول جميع الفريقين جهنم، وخلافه متفق عليه قال وأجاب عنه بعض المفسرين بأن ذلك لا يقتضي دخول الكل بل بقدر ما تملأ به جهنم كما إذا قلت ملأت الكيس من الدراهم لا يقتضي دخول جميع الدراهم في الكيس، ولا يخفى ما فيه فإنه نظير أن تقول ملأت الكيس من جميع الدراهم، وهو يقتضي دخول جميع الدراهم فيه، والسؤال عليه كما في الآية باق بحاله، والحق في الجواب أن يقال المراد بلفظ أجمعين تعميم الأصناف، وذلك لا يقتضي دخول جميع الأفراد كما إذا قلت ملأت الجراب من جميع أصناف الطعام فإنه لا يقتضي ذلك إلا أن يكون فيه شيء من كل صنف من الأصناف لا أن يكون فيه جميع أفراد الطعام كقولك امتلأ المجلس من جميع أصناف الناس لا يقتضي أن يكون في المجلس جميع أفراد الناس بل يكون فيه من كل صنف فرد، وهو ظاهر، وعلى هذا تظهر فائدة لفظ أجمعين إذ فيه ردّ على اليهود، وغيرهم ممن زعم أنه لا يدخل النار اهـ، وإنما أوردت هذا مع طول ذيله لتعلم، وجازة كلام المصنف رحمه الله تعالى، ودقته إذ جمع سؤاله، وجوابه في كلمتين، وقد اعتنى بهذا البحث فضلاء العجم حتى إنّ بعضهم كتب عليه ما لو أوردته لقضيت منه العجب، وحاصل كلام المصنف رحمه الله تعالى أنّ المراد بالجنة، والناس أمّا عصاتهما على أنّ التعريف للعهد، والقرينة عقلية لما علم من الشرع أنّ العذاب مخصوص بهم، وأنّ الوعيد ليس إلا لهم، ولا حاجة إلى تقدير مضاف كما قيل فأجمعين حينئذ ظاهر فإن لم يحمل على العهد، وأبقى على إطلاقه ففائدة التأكيد بيان أنّ ملء جهنم من الصنفين لا من أحدهما فقط، ويكون الداخلوها منهما مسكوتا عنه موكولاً إلى علمه تعالى، وما ذكره المجيب وجه آخر لكن دخول كل صنف غير معلوم، وكذا المراد بالصنف، وهو إما مجاز في اللفظ أو بالنقص وعلى كل حال فأجمعين لا يلائمه وأمّا قول النحاة أنّ أجمعين لا يجوز أن يكون تأكيداً للمثنى فهو إذا كان مثنى حقيقة لا إذا كان كل فرد منه جمعا فانه حينئذ تأكيد للجمع في الحقيقة فلا يرد عليه ما ذكر كما قيل، ولذا قيل إنه لتأكيد

النوعين لئلا يختص الحكم بأحدهما، ولا يلزم دخول جميع العصاة فيها إذ ما من عام إلا وقد خص فهو مقيد بقيد مقدر، وهو مما قدر الله أن يدخلها فتأمّل. قوله: (وكل نبا) إشارة إلى أنّ التنوين عوض عن المضاف إليه المحذوف وقوله تخبرك به تفسير له، وأشارة إلى أنّ كلا مفعول به، ومن أنباء الرسل صفة للمضاف إليه المحذوف لا لكلا لأنها لا توصف في الفصيح كما في إيضاح المفصل، ومن تبعيضية، وقيل بيانية. قوله: (بيان لكلا) أي عطف بيان فالمعنى هو ما نثبت الخ. أو بدل كل أو بعض، وقوله أو مفعول أي ما مفعول به لنقص وكلا منصوب حينئذ على المصدرية أي كل نوع من أنواع الاقتصاص أي اقتصاصا متنوّعا، وجعله عطف بيان تبعا للزمخشري في عدم اشتراط توافقهما تعريفا وتنكيراً فلا يرد عليه الاعتراض به حتى يتكلف له ويقال مراده أنه خبر مبتدأ محذوف أي هو ما نثبت والجملة مفسرة فالبيان البيان المعنوي لا النحوي. قوله: (ما هو حق) أوله بما ذكر ليتناسب المعطوف، والمعطوف عليه، وقيل جعلها اسماً موصولأ لا حرف تعريف ليحصل الانتظام بينه وبين معطوفيه، وفيه نظر، ولا بدّ من بيان وجه يفسره بما ذكره ونكتة للاختلاف تعريفا وتنكيراً فالظاهر أن يقال إنما عرفه لأنّ المراد منه ما يختص بالنبيّ رسول الله صلى الله عليه وسلم من ارشاده وتسليته بما هو معروف معهود عنده فلذا عرف بحرف التعريف، وأمّا الموعظة والتذكر فأمر عامّ لم ينظر فيه لخصوصية ففرق بين الوصفين للفرق بين موصوفاتهما، وفي كلام المصنف رحمه

<<  <  ج: ص:  >  >>