قيداً للإنجاء إلا من حيث إنه يجري مجرى العلة لا هلاك السائر فيكون اعتراضا أو حالاً من الذين ظلموا والأوّل حال من مفعول أنجينا المقدر أما لو جعل عطفاً على مقدر فحسن، ولا يخفى أنه يجوز كون الواو عاطفة على لم ينهوا المقدر، وإذا فسرت به المشهورة فقيل فاعل اتبع ما أترفوا، والكلام على القلب ثم الواو وللعطف أو للحال أيضا. قوله:(ويعضده تقدّم الانجاء (لأنّ تقدم الانجاء للناهين يناسب أن يبين هلاك الذين لم ينهوا كأنه قيل، وأنجينا القليل، واتبع الذين ظلموا جزاءهم فهلكوا فيحسن التقابل حينئذ لكون وصول الجزاء إلى الكثير في مقابلة انجاء القليل، ولا يفتقر إلى تقدير معطوف عليه حينئذ لأنّ الواو حالية. قوله: (بشرك (فسر الظلم به لوروده بهذا المعنى في القرآن، ولاقتضاء المقام، ولذا ترك ابقاءه على ظاهره المذكور في الكشاف، والباء للسببية. قوله: الا يضمون إلى شركهم التفسير الظلم به والتباغي تفاعل من البغي، وقوله وذلك إشارة إلى ما ذكر من عدم اهلاكهم بكفرهم، وقوله ومن ذلك أي من أجل مسامحة الله في حقوقه قال الفقهاء إنه إذا اجتمع حق الله وحق العبد في شيء قدم حق العبد على حق الله، وهو مبين في الفقه، وقوله وقبل معطوف على قدم، وهو ظاهر. قوله: (قدم الفقهاء) أي لأجل أن الله مسامح في حقه كالشرك هنا إذ لم يعجل عقوبته، ولم يسامح في حقوق العباد كظلم بعضهم لبعض قدم الفقهاء الخ. والمراد أنهم قدموها في الجملة عليه ما لم يمنع منه مانع فلا يرد عليه أنهم قالوا إذا اجتمع حق الله كالزكاة ودين الناس على حيّ غير محجور عليه يقدم حق الله لقوله صلى الله عليه وسلم:" دين الله أحق أن يقضى " وهو متفق عليه، وإن كان
محجوراً قدم دين إلا دميّ على حقه تعالى ما دام حياً، وكذا إذا اجتمعا في تركة ميت كما بين في أوّل الفرائض. قوله تعالى:( {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً} (قيل إنّ الآية ترجع إلى قياس استثنائي استثنى فيه نقيض التالي لينتج نقيض المقدم، وهو مركب من مقدمتين طويت الثانية منهما، وقوله: وأنّ ما أراده يجب وقوعه هو مفهوم المقدّمة المذكورة، وأنه تعالى لم يرد الإيمان من كل أحد نتيجة القياس، وفي كلام المصنف رحمه الله تعالى إشارة إليه، وقوله على أن الأمر غير الإرادة لازم النتيجة بعد ضم مقدمة أخرى هي أنّ الكل مأمور بالإيمان، وكل منهما ناع على المعتزلة المخالفين في ذلك، ولما رأوها ظاهرة في رذ ما قالوه جعلوا الارادة قسمين الجائي قسرية، وغيرها فحملوا المنفية على الأولى فتدبره. قوله:) مسلمين كلهم (يعني أنّ الوحدة المراد بها وحدة في الدين بمقتضى المقام وقوله، ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها، وقوله مسلمين كلهم تفسير للأمّة الواحدة بدل أو عطف بيان وكلهم تأكيد للضمير المستتر فيه، وليس المراد بالإسلام ما يخص هذه الأمّة. قوله:) وهو دليل ظاهر على أن الأمر غير الارادة (أما الأوّل فلأنه أمر الكل بالإسلام، وقال هنا أنه لم يرده، ولو أراده لوقع، والمعتزلة يقولون إنّ الأمر هو الإرادة بعينها عند بعضهم، وانّ الارادة تتخلف عن المراد فأوّلوا هذه الارادة بإرادة القسر كما في الكشاف، وأما الآخران فظاهران، وهذه الآية لا تخالف قوله، وما كان الناس إلا أمّة واحدة لما مرّ في تفسيرهما، ولأنه ليس المراد هنا لجعل كل فرق منهم فتأمّل. قوله: (بعضهم على الحق وبعضهم على الباطل) حمل الاختلاف على ما يشمل اختلاف العقائد، والفروع وغيرهما من أمور الدين لعدم ما يدل على الخصوص في النظم فالاستثناء منقطع حيث لم يخرج من رحمه الله من المختلفين لاختلافهم في غير العقائد فلو قال لكن ناسأ هداهم الله من فضله اتفقوا كان أظهر في مراده، ولو حمل الاختلاف على ما يخص الأصول كان الاستثناء متصلا، وقوله مطلقا يأبى حمله عليه فمن قال لا وجه للانقطاع لم يقف على الداعي له، وقوله: على ما هو أصول دين الحق حمله عليه لأنّ اختلاف الفروع للمجتهدين لا يمنع الرحمة بل هو رحمة. قوله:(إن كان الضمير للناس فالإشارة إلى الاختلاف) في المشار إليه أقوال كثيرة أظهرها أنه للاختلاف الداذ عليه مختلفين فالضمير حينئذ للناس أي لثمرة الاختلاف من كون فريق في الجنة، وفريق في السعير خلقهم، واللام لام العاقبة، والصيرورة لأنّ حكمة خلقهم ليس هذا لقوله تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[سورة الذاريات، الآية:
٥٦] ولأنه لو خلقهم له لم يعذبهم عليه أو الاشارة له وللرحمة المفهومة