للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي الترتيب أو لفظ النظم القرآني وإنما كان حقه ذلك لأنّ سبب تعييبها غصب الملك للسفن السليمة وهم فقراء لا معاس لهم بغيرها، وبتعييبها من غير إغراق يسلمون من ذلك فدفعه بأنه قدم للعناية أي للاعتناء والاهتمام به لأنه الذي حصل به رد اعتراضه بأن خرقها مفسدة مؤذية للإغراق إذ معناه ما أردت إلا جعلها معيبة لا إغراق من بها، وهذا على تسليم أن السبب ما بعده وأنه قدم عليه لما ذكر وقوله: أو لأنّ السبب لما كان مجموع الأمرين مبنيّ على منعه وأنّ السبب ليس ما بعده فقط بل مجموعهما ولكن قدم أحد الجزأين لكونه أقوى وأدعى أي أكثر دعوة له وحملا على فعله، ووسط المسبب بينهما توسط زيد ظني مقيم، وهذا بعينه ما في الكشاف، وقوله: على سبيل التقييد المراد تقييد مسكنتهم بمقارنة غصب الملك لأنها لا تكون وحدها سبباً والتتميم بذكر الجزء الأخير من السبب لتتم سببيته لكن هذا لا يتمّ به وجه تغيير النظم من كل وجه، ولهذا لم يرتضه صاحب الانتصاف والطيبي وجعل كونها للمساكين هو السبب لأنّ ترتيب إرادة التعييب على كونها القوم مساكين عجزة يشعر بأن ذلك الفعل إعانة لهم على ما يخافونه ويعجزون عن دفعه، ولما كان ذلك خفياً عقبه ببيانه بعد تمام ذكر السبب والمسبب ولولاه لم تكن الفاء في محلها، وهو وجه حسن مع غموضه، ومما يرفع برقع الخفاء عن هذا الوجه الحسن أن قوله: كان يدل على أنّ هذا كان دأبه وأنه مشهور عنه فكأنه غنيّ عن الذكر كما ذكره المحدثون في كان عبم يفعل كذا بأنه يدل على أنه هجيراه وعادته فتأمل. وقوله: والمعنى عليها أي على هذه القراءة وان لم يقرأ بها وأنّ المراد بالسفينة الصالحة إذ لو أبقى على عمومه لم يكن للتعييب فائدة، وقوله: أن يغشيهما بالغين المعجمة من الأفعال أو التفعيل أي يعرض لهما منه ذلك. قوله: (لنعمتهما بعقوقة) فالمراد بالكفر كفران النعمة التي له منهما بتربيته وكونهما سبب وجوده، والباء سببية متعلقة بكفرا وقوله: فيلحقهما شزاً من الإلحاق أي لعقوقه يلحقهما شرّ وأمر قبيح، وهو تفريع أو تفسير لقوله: أن يغشيهما، وقوله: أو يقرن بفتح الياء عطف على يغشيهما وتفسير آخر له، وطغيانه وكفره مفعوله، وقوله: فيجتمع تفسير لغشيانه وبيان لمضرّته،

وقوله: أو يعديهما من أعداه بمرضه، وعلته كفره ومرض قلبه وقوله: بعلته متعلق بيعدي والممالأة بالهمز، وقد تبدل الفا مفاعلة بمعنى المعاونة ومنه قول عليّ رضي الله عنه: ما مالأت قتله عثمان رضي الله عنه وأصل معناه صرت في ملئه كشايعته صرت من شيعته وهو معطوف على قوله: بإضلاله وعطفه على قوله: بعلته فيما بعد، وحباً تعليل له، وقوله: أعلمه أي بوقوع ما ذكر إن لم يقتل. قوله: (وعن ابن عباس الخ (الحروري من الحرورية وهم قوم من الخوارج خرجوا على عليئ رضي الله عنه نسبة إلى حروراء بفتح الحاء وهي قرية بالكوفة، قال الإمام السبكيّ رحمه الله: " ما فعله الخضر عليه الصلاة والسلام من قتل الغلام لكونه طبع كافرا مخصوص به لأنه أوحي إليه أن يعمل بالباطن وخلاف الظاهر الموافق للحكمة فلا إشكال فيه وان علم من الشريعة أنه لا يجوز قتل صغير لا سيما بين أبوين مؤمنين ولو فرضنا أنّ الله أطلع بعض أوليائه كما أطلع الخضر عليه الصلاة والسلام لم يجز له ذلك، وما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما فإنما قصد به المحاجة والإحالة على ما لم يمكن قطعا لطمعه في الاحتجاج بقصة الخضر عليه الصلاة والسلام وليس مقصوده أنه إن حصل ذلك يجوز لأنه لا تقتضيه الشريعة وكيف يقتل بسبب لم يحصل والمولود لا يوصف بكفر حقيقيّ ولا إيمان حقيقيّ وقصة الخضر تحمل على أنه كان شرعا مستقلا به وهو نبي وليس في شريعة موسى أيضا ولذا أنكره اهـ، وبهذا ارتفع الإشكال الوارد على قصة الخضر عليه الصلاة والسلام من مخالفتها لظاهر الشرع فإنّ أعظم ما يشكل فيها قتل الغلام، أمّا إقامة الجدار فلا إشكل فيه لأنها إحسان للمسيء، وهو من مكارم الأخلاق، وكذا نقض لوح السفينة لتسلم من غصب الظالم ثم يعاد من غير ضرورة، كما في رواية مسلم أنه جاء الذي يسخرها فوجدها منخرقة ثم جاوزها فأصلحها كما في شرح البخاريّ، وقوله: الولدان دون ولد مع أنه الواقع في القصة ليعمه وغيره ممن يكون مثله، وقوله: إن تقتل أي يقع منك القتل، مطلقا لولد

<<  <  ج: ص:  >  >>