للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لولا دلالة الحال أو فحوى الكلام، اهـ. والحاصل أنه إذا ذكر الطرفان حقيقة أو حكما ففيه ثلاثة مذاهب لأهل البيان، والمحققون على أنه تشبيه بليغ، وذهب بعضهم إلى أنه استعارة، وآخرون إلى جواز الأمرين كعبد اللطيف البغدادي في قوانين البلاغة، وهذا أمر مفروغ منه مقرّر قديما لا فائدة في إعادته، وتسميته تشبيهاً ظاهرة، ووصفه بالبلاغة لما فيه من حمل المشبه به على المشبه حتى كأنه هو بعينه في أكثر، وعدل المصنف رحمه الله عما في الكشاف من أنه لولا القرينة الحالية أو المقالية صلح لإرادة المنقول عنه، والمنقول إليه إلى أنه لولا القرينة أمكن الحمل على المستعار منه فقط إشارة إلى ما أورده الشراح عليه من أنه إذا

عدمت القرينة لا يصلح اللفظ للمعنى المجازي، وأجيب عنه بأنه صالح له في نفسه مع قطع النظر عن عدمها، وردّ بأنّ صلاحية المعنيين ثابتة له في نفسه أيضا مع وجودها إذا قطع النظر عنه فلا معنى لإشتراط عدمها في هذه الصلاحية، ثم إنه قدس سرّه قال: بعدما ذكر الظاهر أن خلو الكلام المشتمل على ذكر اللفظ المستعار عن ذكر المستعاو له مصحح لصلوج المستعار لأنه يراد به معناه المجازي إذ لو اشتمل على ذكره أيضاً تعين المعنى الحقيقي فلا يكون صالحا للمعنى المجازي، وأنّ عدم قرينة المجاز مصحح لأن يراد به معناه الأصلي، إذ مع وجودها يتعين المعنى المجازي فلا يكون صالحا للمعنى الحقيقيّ فالخلو المذكور شرط لصلوج إرادة المعنى المنقول إليه، وعدم تلك القرينة شرط لصلوح إرادة المعنى المنقول عنه فالمجموع متعلق بصلاحية المعنيين على التوزيع، ولو قدم ذكر المنقول إليه كان أولى، وقد يقال كون الكلام مع عدم القرينة صالحا لإرادة المعنى المجازي مبني على ادعاء دخول المشبه في جنس المشبه به حتى كأنه من أفراده فيصلح له لفظه كما يصلح لإفراده الحقيقية واشتراط نفي القرينة إنما هو لصلوج إرادة المعنى الحقيقي، ويرد عليه أنه يلزم أن يكون للخلو عن ذكر المستعار له مدخل في الصلاحية المذكورة إلا أن يجعل عبارة عن ذلك الإدعاء، ولإخفاء في بعده عن الإفهام جدا، ثم إن الكلام وان كان ظاهرا في الاستعارة المصرحة إلا أنهم أدخلوا فيه المكنية بناء على مذهب الزمخشري فيها، والمصنف رحمه الله تبعه كما سيأتي تحقيقه في تفسير قوله تعالى {يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ} [البقرة ٢٧] فلا حاجة إلى السؤال والجواب المذكورين في شروح الكشاف واعترض عليه بأنه ليس في عبارة المصنف ما يدل على مدخلية الخلو في الصلاحية بل يدل على اشتراط تلك الصلاحية مع الخلو في حقيقة الاستعارة، ثم إنه لا يخفى أن الاية من قبيل قولنا الحال ناطقة، وهذا لا يحتمل التشبيه بل هو استعارة تبعية، لا يقال ي! عل الصم البكم العمي من قبيل الأسماء فهو من التشبيه لأنا نقول يبقى الكلام في مثل جعلناهم حصيدا خامدين حيث صرح المصنف فيه بالتشبيه، ويمكن أن يقال إنه بتقدير لفظ مثل أي مثل صم فيصير تشبيها وإن لم يقدر فهو استعارة فالكلام يحتمل كليهما فلا يتم طي ذكر المشبه بالكلية في الاستعارة التبعية، ولذا لم يشترط صاحب المفتاح في الاستعارة طي ذكر المشبه على الاطلاق أقول: هذا زبدة ما هنا من القيل والقال، والذي يميط عن وجهه نقاب الاشكال أن ما ذكره الفاضل المحقق تبعا للطيبي ومن مشى على أثره من الشراح كلام لا غبار عليه، وما أورده عليه من أنه يلزم أن لا يكون للخلو عن ذكر المستعار له مدخل في الصلاحية المذكورة غير مسلم فإنه إذا ادعى أن للأسد فردين متعارفا، وهو معروف وغير متعارف وهو الشجاع كان صالحا لكل منهما في نفسه فإذا لم يخل عنه الكلام، فقد صرح بأحد فرديه فيه فيدل على أنه المراد منه إذا حمل عليه مثلاً لئلا يحمل فرد على غيره فإذا خلا عته كان صالحا لكلى منهما، فالخلو شرط لصحة الادعاء والشمول لهما لا أنه عبارة عنه كما قاله واستبعده ولا

حاجة إلى ما دفع به مما مر كما لا يخفي، ثم إن ما إعترض به في نحو الحال ناطقة من ذكر الطبرفين في الاستعارة التبعية، وأنه لا يمتنع في مطلق الاستعارة مناف لما صرحوا به كيف لا وقد عرف السكاكي الاستعارة بأن يذكر أحد طرفي " التشبيه، ويراد به الآخر كما في التلخيص، وهو مبتي على أن الحال مشبهة بالمتكلم، والناطق وليس كذلك في التحقيق وان أوهمه كلامهم، ولو كان كذلك لم تكن تبعية فإنها شبه فيها الدلالة بالنطق واستعير الثاني للأول، ثم سرى منه لما اشتق منه فكيف يرد ما ذكره لمن تدبر حق التدبر، وسيأتي عن قريب تحقيقه قوله: (كقول رّهير) هو زهير بن أبي سلمى بضم السين الشاعر المشهور وهذا الييت من قصيدته المشهورة،! وهي إحدى المعلقات السبعة التي أولها:

أمن أم أوفى دمنة لم تكلم بحو مانة الدراج فالمتثلم

ومنها:

وقال سأقضي حاجتي ثم أتقي عدوي بألف من ورائي ملجم

فشدولم ينظربيوتاكثيرة لدى حيث ألقت رحلها أم قشعم

لدى أسد شاكي السلاح مقذف له لبد أظفاره لم تقلم

وفي رواية الأصمعي مقاذف بدل مقذف، وقال شبه الجيش بالأسد أي له أقدام كأقدام

اسد وحدة كحدته وأظفاره لم تقلم أي حديد شكس، ويقال للأسد إذا أسن هو ذو لبد أي على ظهره شعر قد تلبد، وشاكي السلاح حديد السلاج أصء وقال ابن السيد في المقتضب شاكي السلاح معناه حاد السلاح شبه في حدته بالشوك، ويقال شاك! بكسر الكاف، وضمها فمن كسرها جعله منقوصا مثل قاض، وفيه قولان فقيل أصله شائك فقلب كهار واشتقاقه من الشوكة، وقيل أصله شاكك من الشكة، وهي السلاح فاجتمع مثلان فأبدلوا الثانية ياء تخفيفا، وأعلوه اعلال قاض! ، ومن ضمه ففيه قولان أحدهما أن أصله شوك فانقلبت واوه ألفاً وقيل هو محذوف من شائك كما قالوا جرف هار بضم الراء، وفيه لغى ثالثة شاك باتشديد الكاف من

<<  <  ج: ص:  >  >>