للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومنها:

فمازال يفرع تلك العلا مع النجم مرتديابالعماء ويصعدحتى يظن الجهول بأنّ له حاجة في السماء

إلى آخرها، وهي قصيدة طويلة، ويفرع بمعنى يعلو بفاء وراء مهملة من فرع المنبر والجبل إذا صعده وأصله الصعود إلى فروع الشجر وفي رواية بدل يصعد يرقى، ويروى أيضا بدل حتى يظن حتى لظن باللإم الابتدائية أو هي جواب لقسم كما في شرحه للتبريزي، والشاهد في استعارة يصعد حيث بنى عليها ما بعدها كما سمعته آنفاً كذا قاله قدس سره وغيره من شراح الكشاف، وهو الذي عناه المصنف تبعاً للكشف، وفي الكشف فروع العلاء مستعار من فروع المنابر والجبال، ثم بنى عليه ما يبنى على الفرع الحقيقيّ فجعله ذاهبا في جهة العلو قاصدا نحو السماء لغرض، وهكذا شأن كل استعارة مرشحة اهـ. فجعل قوله يصعد إلخ ترشيحاً للاستعارة في قوله يفرع إلخ، والعماء بفتح العين والمد السحاب الرقيق، وارتداؤه جعله كالرداء وجعل الظان جهولاً لإدّعائه أنه لا حاجة له لأنّ الله أعلاه وأغناه بجده وسعده فلا يقال إنّ الأنسب بالإدعاء في المدح أن يقول الخبير ويروى منزلاً بدل حاجة، وأعلم أنّ ما ذهب إليه صاحب الكشف هو التحقيق لكنه لا يناسب المقام إلاً بتكلف بعيد جذاً. قوله: (وههنا إلخ) يعني أنّ الطرفين لا يشترط في التشبيه ذكرهما بالفعل، بل يكفي الذكر ولو تقديرا ونية فانّ المقدر المنوي كالمذكور كما أنه لا يضرّ الذكر مطلقا بل على طريق القصد فلو كان ذكره غير مقصود بالذات لم يناف الاستعارة كما قرّروه في نحو قوله:

لاتعجبوامن بلى غلالته قد زرّ أزراره على القمر

وقوله أسد إلى هو من شعر لدمران بن حطان رأس الخوارج يخاطب به الحجاج، وكان

همّ بأخذه وقتله وأعد لذلك عدته، وهو من شعر هو بتمامه كما في كامل المبرد:

أسد عليّ وفي الحروب نعامة فتخاءتنفرمن صفيرالصافر

هلاكررت على غزالة في الوغى بل كان قلبك في جناحي طائر

غشيت غزالة حفلةا بفوارس توكت فوارسه كأمس! الدابر

والشاهد في قوله أسد فإنه تشبيه لا استعارة لذكر الطرفين تقديرا فيه أي أنت أسد كما في

الآية الكريمة فهو في حكم المنطوق، وفي ذكر البيت إشارة إلى أنه لا ينافي التشبيه أن يذكر بعد المشبه به ما يشعر بأنه ليس بمعناه الوضعي كقوله عليّ هنا، وفي الحروب المتعلق بنعامة، وغزالة ممنوع من. الصمرف لأنه علم إمرأة رجل من الخوارج سث! هور يقا! ل ل! شبيب، وكان الحجاج قتله فلما أتى خبره لامرأته وكانت من الشجاعة بمنزلة عجيبة لم يعهد مثلها في النساء لبست درعا وتققدت بسيف ورمح وركبت في ثلاثين فارسا من الشجعان الخوارج، وكانت نذرت أن تغزو الحجاج بالبصرة نهارا وتصلي في جامعها بسورة البقرة ففعلت ذلك، وبالبصرة أكثر من ثلاثي! ألف مقاتل، وهرب الحجاج منها ولم يبرز فلمح في هذا الشعر لقصتها وعير الحجاج بها، والنعامة طائر معروف بالجبن وشدة الهرب، والفتخاء المسترخية الجناحين اللينة المفاصل وهو من صفاتها والصفير صوت بغير حروف، والصافر الريح أو كل مصوّت والظاهر الثاني، وكررت بمعنى رجعت ويروى برزت بدله، والوغى أصله الأصوات المرتفعة المختلطة وبه سمي الحرب وهو المرادء وغشيت بمعنى نزلت وحفلة مرّة الحفل من قولهم رجل ذو حفل أي مبالغ فيما يفعله والمعنى ذات حفلة كما في الكشف، والتشبيه بأمس الدابر أي الماضي في العدم حقيقة أو حكماً وكون قلبه في جناحي طائر من بليغ الكلام وبديعه لأنه عبارة عن ذهابه فارا وقلبه في غاية الخفقان من شدة خوفه، وهذا لا يدرك حسنه إلاً من رزقه الله ذوق حلاوة العربية، وهو تصوير لفراره مرعموبا وفي الكشف فتخاء من باب التصوير كيقولون بأفواههم وقال بعض المتأخرين: كما رأيته بخطه بل هو لبيان وجه الشبه على طريق الإشارة لترتيب، ١ لحكم على المشتق وفيه نظر، وفتخاء بفاء ومثناة فوقية وخاء معجمة ممدوداً.

وأعلم أنه إذا ذكر الطرفان كما مرّ، وعمل الثاني منهما كما في البيت المذكور فهذه مسئلة

مقرّرة في كتب النحو والمعاني والتفسير، وقد ذكرت

<<  <  ج: ص:  >  >>