للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو كفوراً أي واحداً منهما فورد النهي على ما كان ثابتا فالمعنى لا تطع واحدا منهما، والتعميم من النهي، وهي على بابها لأنه لا يحصل الانتهاء عن أحدهما حتى ينتهي عنهما بخلاف الإثبات فإنه قد يفعل أحدهما دون الآخر، وهذا معنى دقيق علم منه أنّ التعميم لم يجيء منها وإنما جاء من جهة المضموم إليها.

وقال قدّس سرّه إن تفسير النهي عن الطاعة بوجوب العصيان بناء على أنّ النهي عن الطاعة ما-له الأمر بالعصيان فيكون المفعول متعلقا بالنفي كأنه قيل إعص هذا أو ذاك فإنهما متساويان في وجوب العصيان، وذهب بعضهم إلى أنّ كلمة أو هنا على بابها أي لأحد الأمريه، وإنما جاء التعميم في عدم الإطاعة من النهي الذي في معنى النفي إذ المعنى قبل وجود النهي تطيع آثما أو كفوراً أي واحدا منهما فيعم، وقيل: هي بمعنى الواو وإنما يصح إذا اعتبر عطف النفي على النفي لا المنفيّ على المنفيّ، كما قيل ويردّه ما ذكره في سورة الإنسان من أنه لو قيل لا تطعهما لجاز أن يطيع أحدهما لماذا قيل لا تطع أحدهما علم أنّ الناهي عن طاعة أحدهما ناه عن طاعتهما جميعاً اهـ، كما يعلم من تحريم التأفيف تحريم الضرب، وحاصله أنّ العطف بالواو يفيد النهي عن الجمع دون كل واحد وبأو يفيد النهي عن كل واحد منفرداً صريحا، ومعاً بطريق الأولى، وقيل عطف أحد النفيين على الآخر يفيد تحقق أحدهما بلا عموم، وعطف المنفيّ على المنفيّ بأو يفيد العموم في النفي والعطف بالواو على العكس من ذلك فلذا جعل كلام الظاهريين على اعتبار العطف بين النفيين فعط ن وجه ذلك أنّ العامل في النسق يقدر من جنس عامل المعطوف عليه، وهو قول للنحاة وانّ الآية من عطف الجملة على الأخرى بحسب المعنى كما ذكر في قوله تعالى {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ}

[الحج: ١٨] الآية، ثم ما ذكره في سورة الإنسان مبنيّ على أنه من عطف المفردات على الإنسحاب بلا تقدير كما هو الظاهر لكن ما ذكره كأنه لتوجيه جعل أو بمعنى الواو مصحح له فلا يكون مردودا بما في سورة الإنسان قلت هذا زبدة ما قاله النحاة، وعطف عليه من بعدهم بالردّ والقبول، وهو من الكنوز المدخرة في خزائن العقول.

وفيه مباحث: منها أنه قدس سرّه جعل تفسير النهي عن الإطاعة بوجوب العصيان لأنه

ما-له وفرّع عليه كون المفعول متعلقا بالنفي، ونحو منه في شرح الفاضل أيضاً وظاهره أنّ النهي مؤوّل بالنفي، وهو العامل في المفعول وليس كذلك والذي جنحوا إليه في هذا ما ذكر في الأصول من أنّ المطلوب في المنهي الذي تعلق النهي به إنما هو فعل ضد المنهيّ عنه، فإذا قلت لا تتحرك فمعناه اسكن لأنّ المكلف إنما يكلف بما هو مقدور له، والعدم الأصلي ليس بمقدور وخالف الجمهور فيه أبو هاشم والغزالي بناء على أنه ليس بعدم محض بل عدم مضاف متجدّد ومثله مقدور، وهذه المسثلة قريب من قولهم النهي عن الشيء أمر بضده، وفي الفرق بينهما وتحقيق أدلتهم كلام لا يهمنا هنا.

ومنها أنّ ما نقله عن البعض ٥ س كلام ابن الحاجب في الإيضاح وهو مبنيّ على القول المنقول عن النحاة كما مرّ لا على ما ارتضاه المفسرون تبعاً للزجاح، وذكر بعض أرباب الحواشي له في تحقيق ما في الكشاف خلط لأحد المسئلتين بالأخرى، وإنما ذكره قدس سرّه تتميماً للفائدة وتنبيهاً على ما ذكر.

ومنها أنّ ما ذكره بعض الفضلاء في توجيه عطف النفي إذا كان بمعنى الواو وابتناء. على

ما قاله من عطف الجمل أو المفردات بالإنسحاب كلام في غاية الخفاء والتشويش وكذا ما قالوه من ردّه بما ذكره الزمخشريّ في سورة الإنسان، وقد ذكر ابن مالك في التسهيل أنّ أو في الآية بمعنى ولا فقال: وتوافق ولا بعد النهي والنفي ومثل شرّاحه للنهي بهذه الآية وللنفي بقوله تعالى {وَلَا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ} [النور: ٦١] الآية فتدبر. . قوله: (ومن ذلك قوله أو كصيب إلخ) هذا معنى قوله في الكشاف معناه أنّ كيفية قصة المنافقين مشبهة بكيفيتي هاتين القصتين وأن القصتين سواء في استقلال كل واحد منهما بوجه التمثيل فبايتهما مثلتها فأنت مصيب، وان مثلتها بهما جميعاً فكذلك يعني أنّ أو ههنا مستعارة لمطلق التساوي، والتسوية في الآية بطريق الإباحة التخيير، وقد فرقوا بينهما بأنه في التخيير لا يملك الجمع بينهما بخلاف الإباحة وردّ هذا أبو حيان في البحر وقال الظاهر أنها للتفصيل ولا ضرووة تدعو إلى كون أو للإباحة وان ذهب إليه الزجاج وغيره من النحاة لأنّ التخيير والإباحة إنما يكونان ني الأمر وما في معناه

<<  <  ج: ص:  >  >>