للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(والمس مستعار للإصابة) أي فإنّ المس اللمس الخفيف فتجوّز به عما ذكر يعني أنهما بمعنى، وأنّ المغايرة بينهما للتفنن فلا يسأل لم عبر في أحدهما بالمس وفي الآخر بالإصابة، وقد سوّى بينهما في غير هذا الموضع كقوله: {إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ} [سورة التوبة، الآية: ٥٠] وقوله: {إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} [سورة المعارج، الآية: ٢٠] والأحسن ما قيل إنه للدلالة على إفرإطهم في السرور، والحزن لأنّ المس أقل من الإصابة كما هو الظاهر فإذا ساءهم أقل خير نالهم فغيره أولى منه وإذا فرحوا بأعظم المصائب مما يرثي له الشامت والحاسد فهم لا يرجى موالاتهم أصلا فكيف تتخذونهم بطانة فهذا أنسب بالمقام. قوله: (بفضل الله عز وجل وحفظه الخ (على الأوّل نفي الضرّ على ظاهره وعلى الثاني نفي عدم المبالاة به، وفي الكشاف هذا تعليم من الله، وارشاد إلى أن يستعان على كيد العدوّ بالصبر والتقوى، وقد قال الحكماء إذا أردت أن تكبت من يحسدك فازدد فضلا في نفسك، ومنه أخذ الشافعي رضي الله عنه توله:

إذا ما شئت إرغام الأعادي بلا سيف يسل ولا سنان

فزد في مكرماتك فهي أعدى على الأعداء من ثوب الزمان

وقد قيل عليه إنّ ما ذكر الحكماء معناه إنك كلما ازددت فضلاً في نفسك ازداد الحسود احتراقا بناء الحسد فكان هذا مقابلة له بالإيذاء والإضرار الأشد، وما في الآية أنك ببركة الصبر والتقوى لكونهما من محاسن الطاعات ومكارم الأخلاق تكون في كنف الله وحمايته من أن يضرك كيد عدوّ وتكلف الجواب بأن فضلا مطلق ينصرف إلى الكامل وهو التقوى وكذا الكبت محمول على ما هو من جهة الله لأنه أكمل من غيره والظاهر أنه تنظير له لاشتراكهما في المفع عن الاشتغال بالعدوّ بالاشتغال بالطاعة أو تكميل النفس كما أن في الأوّل كفاية الله وفي الثاني كفاية بهلاك العدوّ. قوله: (وضمة الراء الخ) أي لاتباع ضمة الضاد كما تقرّر في المجزوم

والأمر المضاعف المضموم العين والجزم مقدر، ويجوز الفتح للخفة والكسر لأجل تحريك الساكن فلا حاجة إلى ما قيل إنه مرفوع بتقدير الفاء. قوله: (واذكر الخ) إشارة إلى ما مز في أمثاله وقوله: من حجرة عائشة رضي الله عنها إشارة إلى أنه على تقدير مضاف إذ المعنى من عند أهلك، وقراءة اللام شاهدة لأنه بمعنى تهيئ وتسوى المعدى بها إذ ليس محل التقوية والزيادة غير فصيحة في مثله، والمقعد والمقام محل القعود والقيام، ثم توسع فأطلقا بطريق المجاز على المكان مطلقاً وان لم يكن فيه قيام وقعود وقد يطلق على من به كقولهم المجلس السامي والمقام الكريم. قوله:) سميع لأقوالكم عليم بنياثكم) إن كان سميع وعليم كرحيم من صيغ المبالغة الملحقة باس الفاعل كما ذكره سيبويه فهذا بيان لتقدير معموله واللام للتقوية كما صرح به قوله: {إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء} أسورة إبراهيم، الآية: ٣٩] دمان كانا صفة مشبهة فلا عمل لهما في المفعول، فهذا بيان لمحصل المعنى والحديث المذكور رواه ابن جرير والبيهقيّ من طريق ابن إسحق، وقوله: شرّ محبس أي أخبث مكان يقيمون به إذ لا ماء فيه ولا طعام والإشارة إلى الخروج رأيه والقول به والأصل فيه التعدي بعلى والبقر الجماعة المقاتلة لأنها معدة للعمل وقوله: (أوّلتها خيراً (لم يذكره لأن المراد كثرة الشهداء، وجعله خيوا لما فيه من الأجر العظيم، وذباب السيف طرنه والثلم بالمثلثة الكسر وقوله: (فأوّلته هزيمة) في

النهاية فأوّلته أن يصاب رجل من أهلي فقتل حمزة وادخال يده في الدرع تحصين أصحابه بها دونه لأنه معصوم، ولهذا لم يقل لبستها. قوله:) فلما رأوا ذلك) أي ما صنعه النبيّ صلى الله عليه وسلم، ولأمته بالهمزة وتبدل ألفاً بمعنى الدرع وقيل السلاح، والشعب بالكسر الطريق في الجبل وتشعبت الشيء بمعنى فرقته وجمعته ضد وعدوة الوادي بضتم فسكون جانبه وقوله عبد القه بن جبير هو ابن نعمان الأنصاري وهو الصحيح، ووقع في البخاري وفي الكشاف بجير وهو علم آخر وأمر بالتشديد أي جعله أميراً والنضح بالنبل الرمي مستعار من نضح الماء وقوله: (متعلق بسميع عليم) يعني على التنازع لا بهما معافان كانا صفتين فظاهر أيضا لأنها تعمل في الظرف والا فأظهر وليس المراد تقييد كونه سميعا عليما

<<  <  ج: ص:  >  >>