للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المدونّة في غريب الحديث، وكذا سائر كتب اللغة المدونة في الغريب وغيره، وإذا احتاج إلى معرفة بنية كلماته رجع إلى علم الصرف، وإذا احتاج إلى معرفة إعراب أواخر كلمه رجع إلى علم النحو، وإذا أراد الإطلاع على ما في ذلك الحديث من دقائق العربية وأسرارها رجع إلى علم المعاني والبيان، وإذا أراد أن يسلك طريقة الجمع والترجيح بينه وبين غيره رجع إلى علم (١) أصول الفقه، فالعالم إذا صنع هذا الصنع ظفر بالحق من أبوابه، ودخل إلى الإنصاف بأقوى أسبابه، وأما إذا أخذ العلم عن غير أهله ورجح ما يجده من الكلام لأهل العلم في فنون ليسوا من أهلها وأعرض عن كلام أهلها فإنه يخبط ويخلط ويأتي من الأقوال والترجيحات بما هو في أبعد درجات الإتقان وهو حقيق بذاك، فإن من ذهب يقلد أهل علم الفقه فيما ينقلونه من أحاديث الأحكام ولم يقتد بأئمة الحديث ولا أخذ عنهم ولا اعتمد مؤلفاتهم كان حقيقًا بأن يأخذ بأحاديث موضوعة مكذوبة على رسول الله ، ويفرّع عليها مسائل ليست من الشريعة، فيكون من المتقولين على الله بما لم يقل، المكلفين عباده مسائل ليست من الشريعة، فيكون من المتقولين على الله بما لم يقل، المكلفين عباده بما لم يشرعه، فيضل ويضل ولا بد أن يكون عليه نصيب من وزر العاملين بتلك المسائل الباطلة إلى يوم القيامة فإنه قد سن لهم بها سننًا سيئة ويصدق عليه قول النبي "من أفتى بفتيا غير ثبت فإنما إثمه على الذي أفتاه" (٢) أخرجه أحمد في المسند وابن ماجه، وفي لفظه "من أفتى بفتيا بغير علم كان إثم ذلك على الذي أفتاه" (٣) أخرجه أحمد وأبو داود ورجال


(١) في (ب) عِلَل.
(٢) أخرجه أحمد ٢/ ٣٢١، ابن ماجة (٥٣)، الدارمي، ١/ ٧٥ البيهقي ١٠/ ١١٦، الحاكم ١/ ١٠٣، ١٢٦.
(٣) أخرجه أحمد ٢/ ٣٢١، أبو داود: في باب العلم (٢)، البهيقي ١٠/ ١١٢.

<<  <   >  >>