للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إسناده أئمة ثقات وليس هذا بمجتهد حتى يقال أنه إن أصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر، بل هذا مجازف متجرّئ على شريعة الله متلاعب بها لأنه عمد إلى من لا يعرف علم الشريعة المطهرة فرواها عنه وترك أهلها بمعزل، فإن كان يعلم أن أخذ ما يستدل به من الأحاديث عن غير أهل الفن فهو قد أتى ما أتاه من الاستدلال بالباطل وإثبات المسائل التي ليست بشرع عن عمد وقصد فما أحقه أن يعاقب على ذلك، فقد صح عن رسول الله أنه قال: "من روى عني حديثًا يُرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين" (١)، وفي رواية "يظن أنه كذب"، والحديث ثابت في صحيح مسلم وغيره، وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث جماعة من الصحابة أنه قال: "من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوّأ مقعده من النار" (٢)، فهذا العامد إلى كتب من لا يعرفون صحيح الأحاديث من باطلها ولا يميزونها بوجه من وجوه التمييز كالمشتغلين بعلم الفقه والمشتغلين بعلم الأصول قد دخل تحت حديث "فهو أحد الكاذبين"، لأن من كان كذلك فهو مظنة للكذب على رسول الله ، وإن لم يكن عن عمد منه وقصد لأنه أقدم على رواية ما لا يدري أصحيح هو أم باطل، ومن أقدم على ما هذا شأنه وقع في الكذب وأما إذا كان الناقل من غير أهل الفن لا يدري أن من نقل عنه لا تمييز له فهذا جاهل ليس بأهل لأن يتكلم على أحكام الله، فاستحق العقوبة من الله بإقدامه على الشريعة وهو بهذه المنزلة


(١) وفي رواية: "من حدث عني حديثًا إلخ أخرجه مسلم في مقدم صحيحه ١/ ٩ ابن ماجة (٣٨ - ٤١) أحمد ٤/ ٢٥٠، ٤٨٥، ٥/ ١٤/ ٢٠ ابن حبان (٢٩)، الطبراني ٧/ ١٨٠ (رقم ٦٧٥٧).
(٢) أخرجه البخاري ١/ ٣٨، ٢/ ١٠٢، ٤/ ٢٠٧، ٨/ ٥٤ أحمد ١/ ٧٨، ١٣٠، الدارمي ١/ ٧٦ - ٧٧ البيهقي ٣/ ٢٧٦ الحاكم ١/ ٧٧، ١٠٢، ٣/ ٦٢، ٤٠١ الطبراني ١/ ٧٣، ٥/ ٢٣، ٢١٥، ٦/ ٣٤٠، ٧/ ١٨٥.

<<  <   >  >>