للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المجلدات في الشريعة الإسلامية مع قصوره وعدم بلوغه إلى ما لا بد لمن يتكلم في هذا الشأن منه، أحق بالنار من ذلك القاضي الجاهل، لأنه لم يصب بجهل القاضي الجاهل مثل من أصيب بمصنفات هذا المصنف المقصّر، ومن فتح الله عليه من معارفه بما يعرف به الحق من الباطل والصواب من الخطأ لا يخفى عليه ما في هذه المصنفات الكائنة بأيدي الناس في كل مذهب، فإنه يقف من ذلك على العجب، ففي بعض المذاهب يرى أكثر ما يقف عليه في مصنف من مصنفات الفقه خلاف الحق، وفي بعضها يجد بعضه صوابًا وبعضه خطأ، وفي بعضها يجد الصواب أكثر من الخطأ، ثم يعثر على ما يحرّره مصنفوا تلك الكتب من الأدلة لتلك المسائل التي قد دوّنوها فيجد فيها الصحيح والحسن والضعيف والموضوع، وقد جعلها المصنف شيئًا واحدًا، وعمل بها جميعها من غير تمييز، وعارض بين الصحيح والموضوع وهو لا يدري، ورجَّح الباطل على الصحيح وهو لا يعلم. فما كان أحق هذا المصنف - لا كثر الله في أهل العلم من أمثاله -، بأن يؤخذ على يده ويقال له اترك ما لا يعنيك ولا تشتغل بما لا ليس من شأنك ولا تدخل فيما لا مدخل لك فيه، ثم إذا فات أهل عصره أن يأخذوا على يده فلا ينبغي أن يفوت من بعدهم أن يأخذوا على أيدي الناس ويحولوا بينهم وبين هذا الكتاب الذي لا يفرق مؤلفه بين الحق والباطل. ولا يميز بين ما هو من الشريعة وما ليس منها فما أوجب هذا عليهم، فإن هذا المشؤوم قد جنى على الشريعة وأهلها جناية شديدة، وفعل منكرًا عظيمًا وهو يعتقد لجهله أنه قد نشر في الناس مسائل الدين، ويظن من اتبعه في الأخذ عنه أن هذا الذي جاء به هذا المصنف هو الشريعة، فانتشر بين الجاهلين أمر عظيم وفتنة شديدة، وهذا هو السبب الأعظم في اختلاط المعروف بالمنكر في كتب الفقه، وغلبة علم الرأي على علم الرواية، فإن المتصدر للتصنيف في كتب الفقه وإن بلغ في إتقانه وإتقان علم الأصول وسائر الفنون الآلية إلى حد

<<  <   >  >>