سنيّة، وهذا هو اللقب الذي يتنافس فيه المتنافسون، فإن نسبة الرجل إلى السنة تنادي أبلغ نداء، وتشهد أكمل شهادة، بأنه متلبس بها، ولكنه لما صار في اصطلاح هؤلاء المتعصبة، يطلق على من يعادي عليًّا ويوالي معاوية، افتراء منهم على أهل العلم، واجتراء على المسلمين، استصعب ذلك من استصعبه عند إطلاقه عليه في ألسن هؤلاء الذين هم بالدواب أشبه، ولم أجد أهل ملة من الملل ولا فرقة من الفرق الإسلامية، أشد بهتًا وأعظم كذبًا وأكثر افتراء من الرافضة، فإنهم لا يبالون بما يقولون من الزور كائنًا ما كان، ومن كان مشاركًا لهم في نوع من أنواع الرفض وإن قلّ كان فيه مشابهة لهم بقدر ما يشاركهم فيه، فهذا الذي نجده في ديارنا هذه يختلف باختلاف المشاركة المذكورة، فمن تلاعب به الشيطان ولم يزل ينقله من درجة إلى درجة حتى وصل به إلى الرفض البحت كما تشاهده في جماعة، فلا مطمع في كفّه عن الطعن والثلب لخير القرون فضلًا عن أهل عصره وليس يفلح من كان هكذا ولا يرجع إلى حق ولا ينزع عن باطل، فإن تظاهر بالإنصاف والإقلاع عن البدعة والتلبس بالسنّة فالغالب أن ذلك يكون لجلب مصلحة له دنيوية أو دفع مفسدة يخشى ضررها، ولا يصح إلّا في أندر الأحوال، فالهداية بيد الله يهدي من يشاء، وقد شاهدنا من خضوع هؤلاء لأطماع الدنيا وإن كانت حقيرة ما لا يمكن التعبير عنه، فإنه لو طلب منه بعض أهل الدنيا أن يخرج من مذهبه لكان سريع الإجابة قريب الانفعال حتى ينال ذلك الغرض الدنيوي، وهو لا محالة راجع إلى ما كان فيه، ومن كان دون هذا فهو أقل ضررًا منه للإسلام وأهله ولنفسه وأقرب إلى الإنصاف، ثم من كان أقل تلبسًا بهذه البدعة، كان أقل شرًا وأخفّ ضرًا. وهو يرجع عنها إذا طلب العلم ومارس فنونه وعكف على علم الحديث، فإن لم يكن متأهلًا لطلب العلوم فليلزم أهله المتصفين بالإنصاف العارفين بالحق المهتدين بهدي الدليل، وقد شاهدنا كثيرًا ممن كان كذلك يقلع عنه وتنحلَّ من عُقَد ما قد أصابه عقدة