للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والحكم عليهم بصريح الردة، جازمًا بذلك متحدّثًا به مطمئنًا إليه، فما أوجب إنكار مثل هذا المنكر على أئمة المسلمين وأولي الأمر منهم، فإن التنكيل بهذا المتكلم بمثل هذا الكلام بالحبس وسائر أنواع التعزير التي تردعه وتردع أمثاله من أهل التعصب عن انتهاك أعراض المسلمين والتلاعب بعلماء الدين من أعظم ما يتقرّب به المتقربون، وأفضل ما يفعله من ولاه الله من أمر عباده شيئًا، فإن غالب ما يصدر من هؤلاء المتعصبة من تمزيق أعراض علماء الدين المتمسكين بالسنن الصحيحة الثابتة في هذه الشريعة هو راجع إلى الطعن علي الشريعة والرد لما جاءت به، وتقليب السنن بدعًا، والبدع سننًا، والأخذ على أيدي هؤلاء حتى يَدَعوا ما ليس من شأنهم، ويقلعوا عن غوايتهم، ويقصروا عن ضلالتهم واجب على كل مسلم، وإذا لم تتناول أدلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مثل هذا لم تتناول غيره.

ومن هذا الجنس الذي يفعله أهل التعصب فرارهم عن علماء الإنصاف وطعنهم على من اتصل بهم أو أخذ عنهم وتحذيرهم للعامة وللطلبة عن مجالسة من كان كذلك وإخبارهم لهم بأن ذلك العالم سيضلهم ويخرجهم عما هم فيه من المذهب الذي هم عليه، ثم يذكرون عند هذا التحذير والإنذار مطاعن يطعنون بها على ذلك العالم لمجرد سماعها يثور غضب كل مسلم ويلتهب طبع من يسمع ذلك كائنًا من كان، فيقولون مثلًا لذلك العامي أو الطالب: هذا العالم الذي تتصل به يبغض عليّ بن أبي طالب أو يبغض أهل البيت أو نحو هذه العبارات الفظيعة، فعند سماع ذلك تقوم قيامة هذا المسكين، وليس بملوم فإنه جاهل جاء إليه من له ثياب أهل العلم وسمتهم وشكلهم، فقال له: إن ذلك العالم يعتقد كذا أو يقول كذا فصدَّقه، فالذنب محمول على ذلك القائل، ولا يكون إلّا من أهل تلك الطبقة التي هي منشأ الشر ومنبع الفتنة، وقد اشتهر على ألسن الناس في صنعاء وما يتصل بها أن العلماء المجتهدين ومن يأخذ عنهم ويتصل بهم في هذه العصور يقال لهم

<<  <   >  >>