وهكذا من ألقى مقاليد أمره إلى رافضي وإن كان حقيرًا فإنه لا أمانة لرافضي قط على من يخالفه في مذهبه ويدين بغير الرفض بل يستحل ماله ودمه عند أدنى فرصة تلوح له، لأنه عنده مباح الدم والمال وكل ما يظهره من المودة فهو تقيَّة يذهب أثره بمجرد إمكان الفرصة، وقد جربّنا هذا تجريبًا كثيرًا فلم نجد رافضيًا يخلص المودة لغير رافضي وإن آثره بجميع ما يملكه وكان له بمنزلة الخول وتودّد إليه بكل ممكن، ولم نجد في مذهب من المذاهب المبتدعة ولا غيرها ما نجده عند هؤلاء من العداوة لمن خالفهم، ثم لم نجد عند أحدٍ ما نجد عندهم من التجرّي على شتم الأعراض المحترمة، فإنه يلعن أقبح اللعن ويسبّ أفظع السب كل من تجري بينه وبينه أدنى خصومة وأحقر جدال وأقل اختلاف، ولعل سبب هذا والله أعلم أنهم لما تجرؤوا على سب السلف الصالح هان عليهم سب من عداهم، ولا جرم فكل شديد ذنب يهون ما دونه، وقد يقع بعض شياطينهم في عليّ كرم الله وجهه حردًا عليه وغضبًا له حيث ترك حقه، بل قد يبلغ بعض ملاعينهم إلى ثلب العرض الشريف النبوي صانه الله قائلًا إنه كان عليه الإيضاح للناس وكشف أمر الخلافة ومن الأقدم فيها والأحق بها.
وأما تسرع هذه الطائفة إلى الكذب وإقدامهم عليه والتهاون بأمره فقد بلغ من سلفهم وخلفهم إلى حد الكذب على الله وعلى رسوله وعلى كتابه وعلى صالحي أمته ووقع منهم في ذلك ما يقشعرّ له الجلد، وناهيك بقوم بلغ الخذلان بِغُلاتِهم إلى إنكار بعض كتاب الله وتحريف البعض الآخر
= بيروت: دار صادر (د. ت) ص ٣٣٥) ونفى ابن طباطيا أيضًا ما نسب إليه من تهمة التآمر والتواطؤ مع هولاكو، وأكد أن ذلك ما هو إلّا إشاعة من حاشية المستعصم (المصدر السابق ص ٣٣٨). أقول: لا يستبعد وقوع كلا الأمرين (ما نُسِب إلى ابن العلقمي أو إلى منافسيه) فالتعصب إذا استفحل في النفوس أفقدها رشدها وحتى قيم أخلاقها ودينها.