للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لم ازدد بها إلا حيرة ولا استفدت منها إلا العلم بأن تلك المقالات خزعبلات فقلت إذ ذاك مشيرًا إلى ما استفدته من هذا العلم (١).

وغاية ما حصلته من مباحثي … ومن نظري من بعد طول التدبر

هو الوقف ما بين الطريقين حيرة … فما علم من لم يلق غير التحير

على إنني قد خضت منه غماره … وما قنعت نفسي بدون التبحر

وعند هذا رميت بتلك القواعد من حالق (٢)، وطرحتها خلف الحائط ورجعت إلى الطريقة المربوطة بأدلة الكتّاب والسنّة المعمودة بالأعمدة التي هي أوثق ما يعتمد عليه عباد الله، وهم الصحابة ومن جاء بعدهم من علماء الأمة المقتدين بهم، السالكين مسالكهم، فطاحت الحيرة، وانجابت ظلمة العماية، وانقشعت (سحابة الجهالة) (٣) وانكشفت ستور الغواية، والله الحمد، على أني والله الشكر لم اشتغل بهذا الفن إلا بعد رسوخ القدم في أدلة الكتّاب والسنّة، فكنت إذا عرضت مسألة من مسائله، مبنية على غير أساس رجعت إلى ما يدفعها من علم الشرع، ويدمغ زائفها من أنوار الكتاب والسنّة، ولكني كنت أقدّر في نفسي أنه لو لم يكن لدي إلا تلك القواعد والمقالات فلا أجد حينئذ إلا حيرة، ولا أمشي إلا في ظلمة، ثم إذا ضربت بها وجه قائلها ودخلت إلى تلك المسائل من الباب الذي أمر الله بالدخول منه كنت حينئذ في راحة من تلك الحيرة، وفي دعة من تلك الخزعبلات، والحمد لله رب العالمين عدد ما حمده الحامدون بكل لسان في كل زمان.

ثم بعد إحراز هذه العلوم يشتغل بعلم التفسير فيأخذ عن الشيوخ ما


(١) تناول المؤلف هذه الفكرة في بعض رسائله واستشهد كذلك بهذه الأبيات انظر: التحف في مذاهب السلف ص ٥٤، كشف الشبهات ص ٢٣ - ٢٤، وانظر الأبيات أيضًا في ديوانه ص ١٨٢.
(٢) أي: من شاهق.
(٣) ساقط من (ب).

<<  <   >  >>