للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يحتاج مثله إلى الأخذ، كالكشاف، ويكبُّ على كتب التفسير على اختلاف أنواعها وتباين مقاديرها ويعتمد في تفسير كلام الله سبحانه ما ثبت عن رسول الله ثم عن الصحابة، فإنهم مع كونهم أعلم من غيرهم بمقاصد الشارع هم أيضًا من أهل اللسان العربي، فما وجده من تفاسير رسول الله في الكتب المعتبرة كالأمهات وما يلتحق بها قدمه على غيره، بل تعيَّن عليه الأخذ به، ولا يحل له مخالفته واجمع مؤلف في ذلك وأنفعه وأكثره فائدة الدر المنثور (١) للسيوطي. وما ذكرنا من تقديم ما ورد عن الصحابة مقيد بما إذا لم يخالف ما يُعلم من لغة العرب، ولم تكن تلك المخالفة لأجل معنى شرعي، فإن كانت لمعنى شرعي فقد تقرر أن الحقائق الشرعية مقدمة على اللغوية، وينبغي له أن يطول الباع في هذا العلم ويطالع مطولات التفاسير، كمفاتيح الغيب (٢) للرازي، فإن المعاني المأخوذة من كلام الله سبحانه كثيرة العدد يستخرج منها كل عالم بحسب استعداده وقدر ملكته في العلوم، ولا يغتر بما يزعمه بعض أهل العلم من أنه يكفي الاطلاع على تفسير بعض آيات الكتاب العزيز كما وقع لكثير من التأليف في تفسير آيات مخصوصة مسميًا له بآيات الأحكام كالموزعي (٣) وصاحب الثمرات (٤). فإن القرآن جميعه حتى قصصه وأمثاله لا يخلو من


(١) ويسمى الدر المنثور بالتفسير بالمأثور تأليف جلال الدين السيوطي المتوفى سنة ٩١١. (الحبشي).
(٢) مفاتيح الغيب في التفسير كتاب كبير تأليف محمد بن عمر الرازي المتوفى سنة ٦٠٦.
(٣) هو نور الدين محمد بن علي الموزعي المتوفى سنة ٨٢٥ وكتابه في تفسير آيات الأحكام يسمى تيسير البيان في أحكام القرآن (انظر مخطوطاته في كتابنا مصادر الفكر الإسلامي ص ٢١).
(٤) هو الفقيه يوسف بن أحمد بن عثمان المتوفى سنة ٨٣٢ وكتابه في تفسير آيات الأحكام شهير عليه اعتماد أهل اليمن. (هوامش هذه الصفحة وما بعدها حتى ص ٢٠٤ للأستاذ الحبشي).

<<  <   >  >>