للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المفسدة بالمنع من شراء الرطب بالتمر مع عظم الخطر فيما هو مظنة للرباء، وكم يعد العاد من هذه الأمور.

وبالجملة: فكل ما وقع من النسخ والتخصيص والتقييد في هذه الشريعة المطهرة، فسببه جلب المصالح أو دفع المفاسد، فإن كل عالم يعلم أن نسخ الحكم بحكم آخر يخالفه لم يكن إلا لما في الناسخ من جلب مصلحة أو دفع مفسدة زائدة على ما في الأول من النفع والدفع. وهكذا (إخراج بعض ما يتناوله العام بالتخصيص أو ما يصح إطلاق المطلق عليه) (١) بالتقييد كما وقع في قوله تعالى: ﴿غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ (٢) وقوله ﷿: ﴿مِنَ الْفَجْرِ﴾ (٣) ونحو ذلك كثير جدًّا. وقد كان دينه وهجيراه، الإرشاد إلى التيسير دون التعسير، وإلى التبشير دون التنفير، فكان يقول "يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا" (٤) وكان يرشد إلى الإلفة واجتماع الأمر وينفر عن الفرقة والاختلاف لما في الألفة والاجتماع من الجلب للمصالح والدفع للمفاسد وفي الفرقة والاختلاف من عكس ذلك.

فالعالم المرتاض بما جاءنا عن الشارع، الذي بعثه الله تعالى متممًا لمكارم الأخلاق، إذا أخذ نفسه في تعليم العباد وإرشادهم إلى الحق وجذبهم عن الباطل ودفعهم عن البدع، والأخذ بحجزهم عن كل مزلقة من المزالق ومدحضة من المداحض، بالأخلاق النبوية والشمائل المصطفوية


(١) ما بين القوسين () ساقط من (ب).
(٢) سورة النساء: الآية ٩٥.
(٣) سورة البقرة: الآية ١٨٧.
(٤) أخرجه البخاري ومسلم: اللؤلؤ والمرجان ٢/ ٢٠٠ - ٢٠١ (١١٣٠ - ١١٣١)؛ أبو داود (٤٨٣٥)؛ أحمد ٤/ ٣٩٩.

<<  <   >  >>