للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتصنيفًا عائشًا في كنف والده راغبًا في مجالسة أهل العلم والأدب وملاقاتهم والإفادة منهم" (١).

وساعده على ذلك تشجيع والده علي بن محمد الشوكاني (ت ١٢١١ هـ) ورعايته له - كما ذكر الشوكاني سابقًا - فقد هيأ له كل الوسائل اللازمة للتفرغ لطلب العلم وأعانه عليه، ووفر له ما يحتاج إليه، فجنَّبه بذلك همّ التفكير والبحث عن أسباب معشيته أو الاشتغال بها، ومما قاله المؤلف عن والده: "لقد بلغ معي إلى حدٍّ من البر والشفقة والإعانة على طلب العلم والقيام بما أحتاج إليه مبلغًا عظيمًا بحيث لم يكن لي شغلة بغير الطلب فجزاه الله خيرًا وكافأه بالحسنى. . ." (٢).

وبعد أن انتهى الشوكاني من دراسته على يد شيوخه، واستوفى بذلك جميع ما عندهم، تفرغ للتدريس والبحث والتأليف، فكان الطلبة يأخذون عنه في كل يوم، زيادة على عشرة دروس (٣) من فنون متعددة، وقد أتاحت له ثقافته الموسوعية أن يدرس طلبته بالإضافة إلى العلوم المألوفة علومًا أخرى لم تكن تدرّس في ذلك الوقت: "بل أخذوا عنه في فنون دقيقة لم يقرأ في شيء منها [على شيوخه] كعلم الحكمة التي منها العلم الرياضي والطبيعي والإلهي وكعلم الهيئة وعلم المناظر وعلم الوضع" (٤). ولذا كانت المرحلة الأولى من حياته حتى بلوغه السادسة والثلاثين من عمره وهي المرحلة السابقة على توليه منصب القضاء الأكبر في اليمن، هي أخصب المراحل في حياته وأكثرها عطاءًا فقد استطاع خلالها إستيعاب ثقافة وعلوم عصره، بل


(١) البدر الطالع ٢/ ٢٢٤.
(٢) البدر الطالع ١/ ٤٨٤.
(٣) المصدر السابق ٢/ ٢١٩.
(٤) المصدر السابق ٢/ ٢١٩.

<<  <   >  >>