للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتمكن كذلك من تجاوزها والإضافة إليها إذ أنه "ترك التقليد واجتهد رأيه اجتهادًا مطلقًا غير مقيد وهو قبل الثلاثين" (١) وألف في هذه المرحلة معظم كتبه أو ابتدأ في الاعداد لها كما يتضح من الفقرة اللاحقة، ولهذا فقد جاء توليه القضاء الأكبر في اليمن عام ١٢٠٩ هـ وهو في السادسة والثلاثين من عمره، بمثابة كارثة بالنسبة له، لأن أعباء منصبه قد أخذت عليه معظم وقته وشغلت فكره، وأبعدته عن المجال والمحيط الذي يحبه ويألفه كما يحكي ذلك عن نفسه: "بل إنثال عَلَيّ الناس من كل محل فاستغرقت في ذلك جميع الأوقات إلا لحظات يسيرة، قد أفرغتها للنظر في شيء من كتب العلم أو لشيء من التحصيل وتتميم ما قد كنت شرعت فيه واشتغل الذهن شغلة كبيرة وتكدر الخاطر تكدرًا زائدًا (٢). ."

ولم تقف مسؤلياته عند القضاء فحسب، بل أضاف إليه مسئولية الإشراف على إدارة الشئون الخارجية لليمن، فقد كان يطلع على المراسلات الخارجية الموجهة إلى الإمام من الزعماء ورؤساء الدول ويتولى بنفسه الرد عليها إما باسمه أو باسم الأئمة الذين عاصرهم (٣)، وكذلك اشركه الأئمة في الإشراف على السياسة الداخلية وخاصة منذ أيام المتوكل أحمد بن علي (تولى الحكم من ١٢٢٤ - ١٢٣١ هـ) الذي لم يكن يصدر أي أمر من أمور مملكته حتى يرسل وزيره الفقيه علي بن إسماعيل فارع يشاور فيه "شيخ


(١) المصدر السابق ٢/ ٢٢٤.
(٢) البدر الطالع ١/ ٤٦٥.
(٣) لم يكتف الشوكاني بالاطلاع على تلك الرسائل والرد عليها فقط، بل عمل على تدوين نصوص تلك الرسائل في مذكراته الخاصة، وقد نشر الدكتور صلاح رمضان محمود، بعض هذه الرسائل بعنوان: "ذكريات الشوكاني: رسائل المؤرخ اليمني محمد علي الشوكاني، عدن: وزارة الثقافة (١٩٨٣)، انظر كذلك: التقصار ص ٣٥ وما بعدها.

<<  <   >  >>