للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإسلام ويعمل بما يراه. . ." (١). ولكن برغم انشغاله بهذه المهام والأعباء الكبيرة، فإنه لم يترك التدريس أو القراءة والتأليف "ولم يدع الاشتغال بالعلم وإن كان اشتغاله الآن [أي بعد توليه القضاء] بالنسبة إلى ما كان عليه ليس شيئًا" (٢).

فقد قسم وقته بحيث يلائم بين واجبات عمله وبين التدريس والبحث، كما يقول تلميذه الشجني إذ خصص أول النهار (منذ انبلاج الضوء إلى ارتفاع الشمس) لتدريس طلابه، ويجعل بقية يومه لعمله، ويخصص الشطر الأول من الليل للقراءة والتأليف. . ." (٣)، ومع أن هذا الوقت المخصص للقراءة والبحث محدودًا، وقد ينشغل في أكثر الليالي بهموم عمله إلا أنه بفضل ما حَباهُ الله به من الموهبة والذكاء، كان ينجز في هذه الساعات القليلة من الكراريس ما يعجز الناسخ الذي يتولى تبييض مسودات تلك الأبحاث التي يحررها الشوكاني في المساء، عن إتمام تبييضها بالرغم من تفرغ الناسخ لهذا العمل (٤) ومما يؤكد ما ذكره الشجني، عن قدرات ومواهب شيخه، أن الشوكاني قد جمع مادة كتابه "البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع" في أربعة أشهر وليال (٥)، وهو كتاب ضخم يقع في مجلدين ترجم فيه لـ (٦١٠) شخصية من مشاهير العلماء والسياسيين منذ بداية القرن الثامن الهجري وحتى عصره.


(١) الشجني/ التقصار ص ٤٢٦.
(٢) البدر الطالع ٢/ ٢٢٤.
(٣) الشجني/ التقصار ص ٧٤.
(٤) الشجني/ التقصار ص ٤٢٦.
(٥) قال الشوكاني في خاتمة البدر الطالع "وكان مدة جمعه نحو أربعة أشهر وليال يسيرة وأكثر الأيام يعرض الشغل فلا يمكن تحرير شيء" البدر الطالع ٢/ ٣٧٥.

<<  <   >  >>