للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واحدًا ما دل على أحدهما دل على الآخر من دون تعديه ولا اعتبار (١) أصلية ولا فرعية (٢). وأما فحوى الخطاب ولحنه، فهذان هما راجعان إلى المفهوم والمنطوق، وإن سماهما بعض أهل العلم بقياس الفحوى، وبحث العمل بالمفهوم خارج عما نحن بصدده وقد جاءت لغة العرب الحاكية لما كانوا يفهمونه ويتحاورون به ويعملون عليه، أن مثل هذا المفهوم كان معتبرًا لديهم مأخوذًا به عندهم. ولهذا قال من قال من العلماء أنه منطوق لا مفهوم.

ولقد تلاعب كثير من أهل الرأي بالكتاب والسنة تلاعبًا لا يخفى إلا على من لا يعرف الإنصاف بهذه الذريعة القياسية، وعولوا على ما هو منه أوهن من بيت العنكبوت، وقدموه على آيات قرآنية، وأحاديث نبوية. وما هذه بأول فاقرة جاء بها الشيطان، وحسّنها لنوع الإنسان، وذاد بها عباد الله عن شرائعه. ومن أنكر هذا فلينظر المصنَّفات في الفقه، ويتتبع مسائلها المبنية على مجرد القياس المبني على غير أساس مع وجود أدلة نيرة وبراهين مرضية. ومن هذا الباب دخل أهل الرأي وإليه خرجوا من أبواب الأدلة الثابتة في كتاب الله وسنة رسول الله .

فكن رجلًا رجله في الثرى … وهامة همته في الثريا

وكل من له فهم لا يَعْزُب عنه أن الله تعالى لم يتعبد عباده بمجرد قول عالم من العلماء، أنه قد أفاده مسلك تخريج المناط، أو تنقيح المناط، أو الشبه، أو الدوران، أو نحو هذا الهذيان. هذا على فرض أنه لم يوجد في الكتاب والسنة ما يخالف هذا المسلك الذي لا يسلكه المتورعون، ولا يمشي عليه المتدينون، فكيف إذا كان الدليل المخالف له واضح المنار ظاهر الاشتهار قريب الديار لمن سافر إليه من أهل الاعتبار. والكلام في هذا


(١) في (ب) اعتماد.
(٢) كذا في الأصل ولعل في الجملة نقص؛ ويمكن أن تكون الجملة كل يدل السياق: "ولا اعتبار بأن تلك العلة أصلية ولا فرعية".

<<  <   >  >>