للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البحث طويل الذيول، وقد أفرده جماعة من أهل العلم بالتصنيف وليس المراد هنا إلا مجرد التنبيه لطالب العلم. وإني وإن حذرته عن العمل بهذا القياس، فلا أحذره عن العلم به وتطويل الباع في معرفته والإحاطة بما جاء به المصنفون من أهل الأصول في مباحثه، فإنه لا يعرف صحة ما قلته إلا من عرفه حق معرفته، وقد يُعرف الشيء ليُجتنب ويُحذر. ويعرف الشر لا للشر.

وأما الاستحسان (١): فاعلم أنهم رسموه بأنه دليل ينقدح في نفس المجتهد ويعسر عليه التعبير عنه، وأنت لا يخفي عليك إن بقي لك نصيب من فهم، وحظ من إنصاف، أن الله لم يتعبد أحدًا من عباده بدليل يستدل به أحد من علماء الأمة ويمكنه التعبير عنه وإبرازه من القوة إلى الفعل إلا إذا كان صحيحًا تقوم به الحجة، فكيف يتعبدهم بما انقدح في نفس فرد من أفرادهم على وجه لا يمكنه التعبير عنه ولا إبرازه إلى الخارج. . فإن هذا الذي انقدح في نفسه لا ندري ما هو ولا كيف هو، فكيف يكون حجة علي أحد من الناس وقد عجز صاحبه عن بيانه وعسرت عليه ترجمته. فيا لله العجب من هذا الهذيان وكيف استجاز قائله أن يحكم عليه بأنه دليل شرعي ويفتري على الشرع ما ليس منه، وعلى الله سبحانه ما لم يقله. وبالجملة فبيان فساد هذا لا يحتاج إلى إيضاح، وأفهام البشر وإن بلغت في الضعف أي مبلغ وقاربت أفهام الدواب فهي لا تطلب البرهان على بطلان هذا الهذيان، ولو احتاج محتاج إلى الاستدلال على بطلان هذا الباطل لزمه أن يدفع فرية كل مفتر على الله. ولله در الإمام الشافعي حيث يقول: (من استحسن فقد شرّع).

وأما الاجتهاد (٢): فقد رسموه بأنه استفراغ الفقيه الوسع لتحصيل ظن


(١) قارن بـ: إرشاد الفحول ص ٢٤٠ - ٢٤١.
(٢) المصدر السابق ص ٢٥٠ وما بعدها.

<<  <   >  >>