للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المتوسطة" من العلوم التي تؤهله للوصول إلى مرحلة الاجتهاد، ففي علوم اللغة مثلًا "يكفيه من علم مفردات اللغة مثل القاموس، وليس المراد إحاطته به حفظًا بل المراد الممارسة لمثل هذا الكتاب أو ما يشابهه على وجه يهتدي به إلى ما يطلبه عند الحاجة" (١).

ويقول بعد عرضه لعلوم الاجتهاد (اللغة وعلم الأصول) التي ينبغي لطالب "الطبقة المتوسطة" أن يُلمَّ بها: "فمن علم بهذه العلوم علمًا متوسطًا يوجب ثبوت مطلق الملكة في كل واحد منها صار مجتهدًا مستغنيًا عن غيره. . ." (ص ٢٢٢).

- كما إن هذه المناهج التي يقترحها كفيلة بتحقيق الإنفتاح الفكري على كل العلوم والفنون، وعلى كافة الإتجاهات الفكرية، والمذهبية السائدة في عصر الشوكاني وتساعد على تجاوز كل ألوان التعصب، وخلق الإنسجام والتسامح الفكري في صفوف الأمة، إذ أن الشوكاني يريد من المتعلم، وخاصة من يريد أن يصل إلى المرتبة الأولى في الاجتهاد، أن يكون واسع الأفق غزير الاطلاع موسوعي الثقافة فلا يستبعد أي علم أو فن، حتى وإن كان ذلك العلم بعيدًا عن نطاق تخصصه فإنه لا بد سيستفيد منه في مجال تخصصه، لأن العلوم والمعارف متداخلة ومتكاملة فقد يتوصل من خلال معرفة أي علم، إلى معرفة فن آخر من فنون العلم، ويؤكد على أن العلوم غير الدينية كالأدب والمنطق وعلوم الفلسفة والكلام لا تتعارض مع الشريعة، (ص ٢٢٦) ولهذا يحثّ الطالب الباحث على ألا يستبعد أي علم أو فن، ولا يُصغي أو يلتفت إلى أي نقد أو تشنيع من أي عالم على أي علم من العلوم، فعن علم الكلام يقول: "وإيَّاك أن يثنيك عن الاشتغال بهذا الفن ما تسمعه من كلمات بعض أهل العلم في التنفير عنه والتزهيد فيه، والتقليل


(١) البدر الطالع ٢/ ٨٦ - ٨٧؛ وانظر كذلك: إرشاد الفحول ص ٢٥١ وما بعدها.

<<  <   >  >>