للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هو الصواب، وأنها هي الفرقة الناجية، بأن قامت كل فرقة بحثّ أو إلزام أتباعها على الاقتصار على دراسة كتب الفرقة نفسها وتنفيرهم عن الاطلاع على أي من كتب أو أراء الفرق الأخرى المنافسة أو المخالفة لها، التي تصفها بالإبتداع والضلال.

كما شهدت مرحلة التراجع الحضاري بعد غلق باب الاجتهاد وتوقف الإبداع، تصاعد الدعوات المنفرة من العلوم غير الشرعية، وحث الناس على الاقتصار على علوم الشرع دون غيرها، وكان شعارهم في تلك المرحلة:

العلم قال الله قال رسوله … وما عداهما فوسواس الشياطين"

فقد كان لهذه الأفكار والنظرة الضيقة آثارها السيئة في تشكيل وعي واتجاهات الأجيال اللاحقة، وفي التهيئة للكسل العقلي والجمود الفكري. فالمعروف أنه بعد إغلاق باب الاجتهاد ورسوخ التقليد المذهبي لم تعد مهمة العلماء والمفكرين مقتصرة على الاهتمام بالقرآن والسنة، واستنباط الأحكام منهما، كما يفترض من تلك الإدعاءات، بل انشغل المتعلمون بحفظ المتون والمختصرات والشروح التي ألفها فقهاء مذاهبهم، واقتصرت مهمة القادرين على التأليف على اجترار ومحاكاة أسلافهم، إما على اختصار تلك المطولات، أو شرح المختصرات ووضع الحواشي على تلك الشروح … إلخ، حتى نسي الناس - كما يقول عبد الواحد المراكشي (١) - النظر في


(١) قال عبد الواحد المراكشي (ت ٦٤٧ هـ) عن علي بن يوسف بن تاشفين (ت ٥٣٧ هـ) ثاني ملوك دولة المرابطين بالمغرب الذي فرض المذهب المالكي أثناء حكمه: ولم يكن يقرب من أمير المسلمين ويحظى عنده إلّا من علم الفروع، أعني فرع مذهب مالك، فنفقت في ذلك الزمان كتب المذهب، وعمل بمقتضاها ونبذ ما سواها وكثر ذلك حتى نُسي النظر في كتاب الله وحديث رسول الله فلم يكن أحد من مشاهير أهل ذلك الزمان يعنى بهما كل الاعتناء، ودان أهل ذلك الزمان بتكفير كل من ظهر منه الخوض في علم الكلام … " المعجب في تلخيص أخبار المغرب، =

<<  <   >  >>