إن "الأدب" في كتاب الإمام الشوكاني قد أضيف إلى "الطلب" و "الطلب" هنا هو "التعلّم" الذي يضطلع به "طالبه" وهو المتلقي للعلم من الشيخ المعلم الأستاذ. ومن هنا كان هذا كله في "الكتاب" و "الطالب" عملًا بل صنعة "تربوية".
ويكون "الأدب" في هذا ما يلزم الطالب من مواد وطرائق يصل فيها إلى مراده وعلى هذا فلنا أن نعدّ الأدب "الصنعة الخاصة التربوية" التي يأخذ بها "الطالب" نفسه.
وهذه "الصنعة الخاصة" تقتضيه نظامًا ورسومًا يلتزم بها للوصول إلى ما يريد.
فهل كان الإمام الشوكاني أوّل من بدأ هذا المصطلح الذي لا يمت بوشيجة من رحم إلى الشعر والنثر وما يتصل بهما؟
والجواب عن هذا أن الشوكاني درج على ما درج عليه المتقدمون من أهل العلم الذين ذهبوا إلى هذا "المصطلح"، وكأن هؤلاء جميعًا قد أفادوا من الأثر الشريف وهو قول الرسول الكريم:"أدَّبني ربّي فأحسَن تأديبي".
والفعل "أدّب" ومصدره "التأديب" في قول الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - يتجاوزان ما هو مندرج في "الصنعة التربوية" إلى معنى "التهذيب" و "التقويم" وما يكون من هذا.
وكأنَّ هذه الدلالة هي التي بقيت لنا، نحن أهل هذا العصر، حين نقول:"إن الرجل مؤدب" أي أنه على جانب من الخلق الكريم، وحين نقول "الآداب العامة" ونحو هذا مما يقال في عربيتنا المعاصرة وفي الألسن الدارجة.