وأعود إلى ما كان لدى المتقدمين فأجد لابن قتيبة من اللغويين السابقين كتابًا هو "أدب الكاتب" و "أدب الكاتب" هذا من كتب التعليم والتقويم وملاك الأمر فيه أن حبسه على ما يقتضي الكاتب في سلوكه لصنعة الكتاب من تقويم اللسان والقلم ومعرفة الصحيح والصواب والمعدول عن الصحة والصواب، وتزويد طالب العلم ليصل إلى صنعة "الكتابة" بالأصول والقواعد والضوابط وبسط الأمثلة والنماذج من فصيح العربية أمام هذا المتعلم الجاد.
وكأن هذا "الكتاب" الذي صنّفه ابن قتيبة قد وجد مكانه لدى أهل العلم، ولذلك عده ابن خلدون من الكتب الأساسية في ثقافة الدارسين وقد أشار إلى هذا في "المقدّمة". لقد تصدّى لهذا الكتاب الجليل اللغوي الأندلسي ابن السيد البطليوسي فشرحه وأضاف وضبط ما كان فيه من أقوال فكان له "الاقتضاب في شرح أدب الكتاب".
لقد كان لعلماء العربية نصيبهم في هذه الصنعة التربوية وكتاب "إصلاح المنطق" لابن السكيت شيء من هذا، ذلك أن "الإصلاح" يعني ما نقول في عصرنا من "تصليح"، وهو مرادف أو قريب من "تصحيح".
ولأبي العباس أحمد بن يحيى ثعلب كتاب "الفصيح" وهو كتاب قصد إليه في هذه "الصنعة التربوية". وكأن من خلف أبا العباس قد تصدوا لهذا الكتاب فشرحوه وبينوا ما كان لهم عليه من اعتراضات فجاء إلينا من هذا كله جملة كتب في "شرح الفصيح" لابن السيد البطليوسي ولآخرين. وكان من هذه كتاب "تصحيح الفصيح" لابن درستويه.
وأعود إلى مصطلح "الأدب" فأجد فيه مما ورثنا كتاب "أدب الدنيا والدين" وهو في هذه الصنعة الخاصة، كما أجد كتاب "أدب العالم